الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **
{طغم} (س) في حديث علي <يا طَغَاَم الأحْلامِ> أي يا من لا عَقْل له ولا مَعْرفة. وقيل هُم أوغادُ الناس وأرَادلهم. {طغا} (س) فيه <لا تَحْلِفُوا بآبائكم ولا بالطَّواغي>. وفي حديث آخر <ولا بالطَّواغِيت> فالطَّواغي جمع طَاغِية، وهي ما كانوا يَعْبُدُونه من الأصْنام وغيرها. ومنه الحديث <هذه طاغيةُ دَوْس وخَثْعَم> أي صنَمْهم ومَعْبُوُدهم، ويجوز أن يكون أراد بالطَّواغي مَن طغَى في الكُفْر وجاوَزَ القَدْر في الشَّرِّ، وهم عُظاؤهم ورُؤسَاؤهم. وأما الطواغِيتُ فجمع طَاغوتٍ وهو الشيطان أو ما يُزَيِّن لهم أن يَعْبُدوه من الأصنام. ويقال للصَّنم طاغُوت. والطاغُوت يكون واحدا وجمعاً. (س) وفي حديث وَهْب <إنَّ للْعِلم طُغْيانا كطُغْيان المال> أي يَحْمِل صاحبَه على التَّرخُّص بنا اشْتَبه منه إلى ما لا يَحِلُّ له، وَيَتَرفَّع به على مَنْ دُونه، ولا يُعْطى حقَّه بالعمل به كما يَفْعَل ربُّ المال. يقال: طَغَوْت وطَغَيْت أطْغَى طُغْياناً. وقد تكرر في الحديث. {طفح} (ه) فيه <مَنْ قال كذا وكذا غُفِر له وإن كان عليه طِفَاحُ الأرض ذُنُوبا> أي مِلْؤُها حتى تطفح: أي تَفِيض. {طفر} (س) فيه <فطَفَر عن رَاحِلته> الطَّفْر: الوُثُوب، وقيل: هو وَثْبٌ في ارْتفَاع. والطَّفْرة: الوَثْبة. (ه) فيه <كُلّكُم بنُو آدم طَفُّ الصاغ، ليس لأحد على أحد فَضْلٌ إلاَّ بالتَّقْوَى> أي قَريبٌ بعضُكم من بَعْضٍ. يقال: هذا طَفٌ المِكْيال وطِفَافه وطَفَافه: أي ما قَرُب من مِلْئه. وقيل: هو ما عَلاَ فوق رَأسِه. ويقال له أيضا: طُفاف بالضم. والمعنى كُلُّكُم في الاْنِتساب إلى أبٍ واحدٍ بمنزلةٍ واحدةٍ في النْقصِ والتقَّاصُر عن غاية التَّمام. وشبَّههُم في نُقْصانِهم بالمَكِيل الذي لم يَبْلُغ أن يَمْلأ المِكْيال، ثم أعْلمهُم أن التَّفاضُل ليس بالنَّسَب ولكنْ بالتَّقْوَى. (س) ومنه الحديث في صفة إسرافيل <حتى كأنَّه طِفافُ الأرض> أي قُرْبها. وفي حديث عمر <قال لرجُل: ما حبَسَكَ عن صلاة العصر؟ فَذَكَر له عُذْرا، فقال عمر: طَفَّفْت> أي نَقَصْتَ. والتَّطفيفُ يكون بمعنى الوفاء والنَّقص. (س) ومنه حديث ابن عمر <سَبَقْتُ الناسَ، وطَفَفْ بي الفَرس مَسْجدَ بَني زُرَيْق> أي وَثَبَ بِي حتى كادَ يُساوي المسْجدَ. يقال: طفَّفْتُ بفُلاَنَ موضعَ كذا: أي رَفَعْتُه إليه وحَاذَيْتْه به. (س) وفي حديث حُذَيْفة <أنه اسْتَسقَى دهِقْاناً فأتاه بقَدَحٍ فضَّة فحذَفه به، فَنَكَّس الدِّهْقان وطَفَّفَه القدحُ> أي عَلا رَأْسَه وتَعدَّاه. وفي حديث عرضِ نَفْسِه على القبائل <أما أحدُهما فطُفُوف البَرِّ وأرْض العَرَب> الطُّفُوف: جمعُ طَفٍّ، وهو سَاحِل البَحْر وجانب البرِّ. (س) ومنه حديث مقتل الحسين رضي اللّه عنه: <أنه يُقْتَل بالطَّفّ> سُمّي به لأنه طَرَف البرِّ ممَّا َيلي الفُرَات، وكانت تَجْري يومئذ قريباً منه. {طفق} (ه) فيه <فطَفِق يُلْقي إليهم الجَبوبَ> طَفق: بمعنى أخَذَ في الفِعْل وجَعَل يَفْعَل، وهي من أفعال المُقارَبةِ. وقد تكرر في الحديث، والجَبُوب: المَدَرُ. {طفل} (ه) في حديث الاستسقَاء <وقد شُغَلت أمُّ الصَّبِيّ عن الطِّفْل> أي شُغِلَت بِنَفْسها عن وَلَدها بما هي فيه من الجَدْب. ومنه قوله تعالى <تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أرْضَعَتْ>. وقولهم: وَقَع فُلان في أمْر لا يُنَادَي وَلِيدُه، والطفل: الصَّبِيُّ ويقع على الذَّكر والأُنْثى والجماعة. ويقال طِفْلة وأطْفَال. (س) وفي حديث الحديبية <جاءوا بالعُوذ المطَافِيل> أي الإبل مَع أوْلاَدِها. والمُطْفِل: النَّاقةُ القريبَة العَهْد بالنّتاج معها طِفْلُها. يقال: أطْفَلَت فهي مُطْفِلٌ ومُطْفِلَة. والجمع مَطَافِلُ ومَطافِيل بالإشباع. يريدُ أنَّهم جاءوا بأجمْعَهم كِبَارِهم وصغَارِهم. ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <فأقْبَلْتُمْ إليَّ إقبالَ العُوذ المَطَافِل> فجمَع بغيرِ إشباع. (س) وفي حديث ابن عمر <أنه كَرِه الصلاةَ على الجَنَازة إذا طَفَلت الشمسُ للغُرُوب> أي دَنَتْ منه. واسمُ تلك السَّاعة: الطَّفَل. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي شعر بلال رضي اللّه عنه: وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفِيلُ* قيل: هُما جَبلاَن بنَواحِي مكة. وقيل: عَيْنَان. {طفا} (ه) فيه <اقتُلُوا ذا الطُّفْيَتَين والأبْتَرَ> الطُّفْيةُ: خَوصَةُ المُقْل في الأصْل، وجمعُها طُفىً. شَبَّه الخطَّيين اللَّذين على ظَهْر الحيَّة بخُوصَتَين من خُوص المُقْل. ومنه حديث علي <اقْتُلوا الجَانَّ ذَا الطُّفْيتين>. (ه) وفي صفة الدَّجّال <كأن عَيْنَةُ عِنَبَةٌ طَافيةٌ> هي الحَبَّة التي قد خَرجَت عن حَدّ نَبتَةِ أخَوَاتها، فَظَهَرت من بَيْنِها وارْتَفعَت. وقيل: أرَادَ به الحَّبَة الطَّافيةَ على وجْه الماءِ، شَبَّه عينَة بها. واللّه أعلم. {طلب} * في حديث الهجرة <قال سُرَاقةُ: فاللّهَ لَكُما أن أُرّد عَنْكما الطَّلَبَ> هو جمعُ طَالب، أو مَصْدَر أُقيم مُقَامه، أو على حَذْف المضاف: أي أهْل الطَّلَب. (س) ومنه حديث أبي بكر في الهجرة <قال له: أمْشي خَلْفَك أخْشَى الطَّلَب>. (س) ومنه حديث نُقَادَة الأَسِدي <قلتُ: يا رسول اللّه اطْلُب إليَّ طَلِبَةً فإني أُحب أن أُطْلِبكَها> الطَّلِبَة: الحاجَةُ. والإطْلابُ: إنجازُها وقَضاؤها. يقال: طَلب إليَّ فأطْلَبْتُه: أي أسْعَفْته بما طَلَب. ومنه حديث الدعاء <ليس لي مُطْلِبٌ سواك>. (ه) في حديث إسلام عمر رضي اللّه عنه <فما بَرِح يُقاتِلهم حتى طَلَح> أي أعْيَا، يقال: طَلَح يَطْلَح طُلوحا فهو طَليح، ويقال: ناقة طَلِيحٌ؛ بغير هاء. ومنه حديث سَطيح <على جَمل طليح> أي مُعْيٍ. وفي قصيد كعب: وَجِلْدُهَا من أَطومٍ لا يُؤيّسُهُ ** طِلْحٌ بضَاحِيَة المَتْنَينِ مَهْزولُ الطِّلْح بالكسر: القُرَاد، أي لا يُؤثِّر القُرادَ في جلْدها لِملاَسَتِه. (س) وفي بعض الحديث ذكْر <طَلْحة الطَّلحات> هو رجُل من خُزَاعة اسمُه طَلْحَة بن عُبَيد اللّه بن خلف، وهو الذي قيل فيه: رَحِم اللّه أعْظُماً دَفَنُوها ** بِسجِسْتَانَ طلْحَة الطَّلَحَاتِ (البيت لعبيد اللّه بن قيس الرقيّات. ديوانه ص 20 ط بيروت 1958 م والرواية فيه <نضَّر اللّه> ) وهو غير طَلْحة بن عُبَيد اللّه التَّيميّ الصَّحابي. قيل إنَّه جمع بَيْن مائة عَرَبِيٍّ وعَرَبِيَّة بالمَهْر والعَطاءِ والوَاسعَين، فَوُلد لكُلِّ واحدٍ منهم ولَدٌ سُمِّي طَلْحة فأضيفَ إليهم. والطَّلْحَة في الأصْل: واحِدَة الطَّلْح، وهي شَجَر عِظام من شَجَر العِضَاه. {طلخ} (ه) فيه <انه كان في جَنَازة فقال: أيُّكم يأتي المدينة فلا يَدَع فيها وثَنَاً إلا كَسره وَلا صُورة إلاَّ طَلخها> أي لَطخَها بالطِّين حتى يَطْمِسَها، من الطَّلْخ، وهو الذي يَبْقَى في أسْفل الحَوْض والغَدِير. وقيل: معناه سَوَّدَها، من الليلة المُطْلَخِمَّة، على أن الميمَ زائدة. {طلس} (ه) فيه <أنه أمَرَ بطَلْس الصُّوَر التي في الكعبة> أي بِطَمْسها ومَحْوها. (ه) ومنه الحديث <أنّ قول لا إله إلا اللّه يَطْلِس ما قَبْله من الذنوب>. ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <انه قال له: لا تدَعْ تِمْثَالاً إلاَّ طَلَسْتَه> أي مَحْوته. وقيل: الأصلُ فيه الطُّلْسَة، وهي الغبْرَة إلى السَّواد. الأطْلَس: الأسود والوسِخُ. ومنه الحديث <تَأتي رجالاً طُلْسَاً> أي مُغْبَرَّة (في ا: <مغبَّروا> ) الألْوان، جمعُ أطْلَس. (ه) ومنه حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <انَّه قطعَ يد مُولِّدٍ أطْلَسَ سَرَق> أرادَ أَسْوَدَ وسِخا. وقيل الأطْلَس: اللِّص، شُبِّه بالذِّئب الذي تَسَاقط شَعَره. (ه) ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <ان عاملاً وفَدَ عليه أشْعَث مُغْبرًّا عليه أطْلاسٌ> يعني ثِياباً وَسِخَة. يقال: رجُل أطْلَسُ الثَّوب: بَيِّن الطُّلْسَة. {طلع} (ه س) فيه ذكر القرآن <لكُل حَرْفٍ حَدٌّ، ولكلِّ حدٍّ مُطَّلَعٌ> أي لِكلِّ حَدٍّ مَصْعَد يُصْعَد إليه من مَعْرفة عِلْمِه. والمُطَّلَع: مَكان الاِّطلاع من موضِع عالِ. يقال: مُطَّلَع هذا الجَبل من مكان كذا: أي مَأْتَاه ومَصْعَدُه. وقيل معناه: إنَّ لِكلِّ حد مُنْتَهكاً ينْتَهكه مُرْتَكِبُه: أي أن اللّه عز وجلَّ لم يُحرّم حُرمةً إلاَّ عَلِم أن سَيَطَّلِعُها مُسْتَطْلِعٌ. ويجوزُ أن يكون <لكل حدٍّ مَطْلَع> بوزن مَصْعَدٍ ومعناه. (ه) ومنه حديث عمر <لو أن لي ما في الأرضِ جميعاً لافْتَدَيتُ به من هَوْلِ المُطَّلَع>. يُريدُ به الَموْقِف يوم القيامة، أو ما يُشْرِفُ عليه من أمْر الآخرة عَقِيب الموتِ، فشبَّهه بالمُطَّلَع الذي يُشَرَفُ عليه من موضعٍ عالٍ. (ه) وفيه <أنه كان إذا غَزَا بَعَثَ بين يديه طَلائعَ> هم القومُ الذين يُبْعَثُون ليطلِعُوا طِلْعَ العَدُوِّ، كالجَوَاسِيس، واحدُهم طَلِيعة، وقد تُطْلق على الجَمَاعة. والطَّلائع: الجَماعَات. (س) وفي حديث ابن ذي يَزَن <قال لعبد المطلب: أطلعْتَك طِلْعَهٌ> أي أعْلَمتُكه. الطِّلع بالكسر: اسمٌ، من اطَّلعَ على الشيء إذا عَلِمه. (س) وفي حديث الحسن رضي اللّه عنه <إنَّ هذه الأنفُسَ طُلَعَةٌ> الطُّلَعة بضم الطاء وفتح اللام: الكثيرةُ التَطَلُّع إلى الشيء: أي أنها كثيرةُ المَيل إلى هَواهَا وما تَشْتَهيه حتى تُهْلِك صاحبَها. وبعضهم يَرْويه بفتح الطاء وكسر اللام، وهو بمعناه. والمعروف الأول. ومنه حديث الزِّبْرِقَان <ابْغَضُ كَنَائِني إليَّ الطُّلَعَةُ الخُبَأَةُ> أي التي تَطْلُع كثيراً ثم تَخْتَبئُ. وفيه <أنه جاءه رجلٌ به بَذَاذَة تَعْلُو عنه العَيْن، فقال: هذا خير من طِلاَعِ الأرض ذَهباً> أي ما يَمْلؤُها حتى يَطْلُعَ عنها ويَسِيل. (ه) ومنه حديث عمر <لو أنَّ لي طِلاعَ الأرضِ ذهباً>. (ه) وحديث الحسن <لَأَنْ أعْلَمَ أنِّي بَرِيءٌ من النِّفاقِ أحبُّ إليَّ من طِلاع الأرضِ ذهباً>. وفي حديث السُّحور <لا يَهيدَنَّكُم الطَّالِع> يعني الفَجْرَ الكاذِبَ. (س) وفي حديث كِسْرى <أنه كان يسجدُ للطَّالِع> هو من السهام الذي (في الأصل: <التي> والمثبت من ا واللسان، ومما سبق في مادة (سجد) ) يُجاوزُ الهدَف ويعْلوه. وقد تقدم بيانه في حرف السين. {طلفح} (ه) في حديث عبد اللّه <إذا ضَنُّوا عليك بالمُطْلَفَحَةِ فَكُلْ رَغِيَفَك> أي إذا بَخِل الأُمَراءُ عليك بالرُّقَاقة التي هي من طعام المُتْرَفين والأغْنياء فاقنَع برَغِيفك. يقال: طَلْفَح الخُبزُ وفَلْطَحَه إذا رَقَّقه وبَسَطه. وقال بعضُ المُتَأخِّرين: أراد بالمُطَلفحَة الدَّرَاهمَ، والأّول أشبه، لأنه قابله بالرغيف. {طلق} (ه) في حديث حُنَين <ثم انتَزَع طَلَقَاً من حَقَبِه فَقَّيد به الجمل> الطَّلَق بالتحريك: قَيْدَ من جُلُود. (س) وفي حديث ابن عباس <الحيَاءُ والإيمانُ مَقْرُوَنان في طَلَقٍ> الطَّلَق ها هنا: حَبْل مَفْتُول شديد الفَتْل: أي هُمَا مُجْتَمِعان لا يَفْتَرِقَان، كأنهما قد شُدَّا في حَبْل أو قَيدٍ. وفيه <فرفَعْت فَرَسي طَلَقا أو طَلقين> هو بالتحريك: الشَّوط والغاية التي تجري إليها الفَرَس. (س) وفيه <أفضل الإيمان أن تُكَلِّم أخاك وأنت طَلِيق> أي مُسْتَبشِرٌ مُنْبَسط الوَجْه. ومنه الحديث <أن تلقاه بوَجْه طَلِقٍ> يقال: طَلُق الرجل بالضم يَطلُق طَلاقَةً، فهو طَلْقٌ، وطَليق (قال في القاموس: طَلُق ككَرُم، وهو طَلْق الوجه، مثلّثة، وككَتِف وأمير): مُنْبَسط الوجْه مُتَهلِّلة. (س) وفي حديث الرَّحِم <تَتَكلَّم بلساَنٍ طَلْق> يقال رَجُل طَلْق اللِّسان وطِلْقه وطُلُقه وطَليقه (قال في القاموس: طِلَقْ اللسان، بالفتح والكسر، وكأمير، وبضمتين، وكصرد، وكتف): أي مَاضي القَول سَريع النُّطْق. (س) وفي صفة ليلة القدْر <ليلة سَمْحةٌ طَلْقة> أي سَهْلة طَيِّبة. يقال يوم طَلْقٌ، وليلةٌ طَلْقٌ وطَلْقة، إذا لم يكن فيها حرٌّ ولا بَرْد يُؤْذِيَان. (ه) وفيه <الخيل طِلْقٌ> الطِّلق بالكسر: الحَلال. يقال أعْطَيتُه من طِلْق مالي: أي من صَفْوه وطَيِّبه، يعني أن الرِّهَانَ على الخيْل حَلالٌ. (ه) وفيه <خيرُ الخيل الأقْرَحُ، طَلْقُ اليَد اليُمْنى> أي مُطْلَقُها ليس فيها تحْجِيل. وفي حديث عثمان وزيد رضي اللّه عنهما <الطَّلاقُ بالرِّجال والعِدَّة بالنِّساءِ> أي هذا مُتَعَلَّق بهؤلاء، وهذه متعلقة بهؤلاء. فالرجُل يُطَلِّق والمرأة تَعْتَدُّ. وقيل أراد أنَّ الطلاقَ يتعلَّق بالزَّوج في حُرِّيَّته وَرِقِّه. وكذلك العِدَّة بالمرأة في الحالَتين. وفيه بين الفُقَهاء خلافٌ، فمنهم من يَقْول: إن الحرَّة إذا كانت تَحْت العَبْد لا تَبِين إلاَّ بثلاث، وتَبينُ الأمَةُ تحت الحِرّ باثنَتَين. ومنهم من يقول: إن الحرَّة تَبين تَحت العَبد باثنتَين، ولا تَبين الأمَةُ تَحت الحرِّ بأقلَّ من ثلاث. ومنهم من يقول: إذا كان الزوجُ عَبداً والمرأةُ حرةً، أو بالعكس، أو كانا عَبدَين فإنَّها تَبين باثنتَين. وأما العدَّة فإن المرأة إنْ كانت حُرَّة اعتدَّت بالوفاء أرْبَعة أشهُرٍ وعَشْراً، بالطَّلاق ثلاثة أطْهارٍ أو ثلاثَ حِيَضٍ، تحت حُرٍّ كانت أو عَبْدٍ. وإن كانت أمَة اعتدَّت شهْرَين وخمساً، أو طُهْرَين أوحَيضَتَين، تحت عبد كانت أو حرٍّ. (ه) وفي حديث عمر والرجل الذي قال لزَوجته: <أنتِ خَلِيَّة طالِقٌ> الطالقُ من الإبل: التي طُلِقَت في المَرْعَى. وقيل: هي التي لا قَيْدَ عليها. وكذلك الخَلِيَّة. وقد تقدَّمت في حرف الخاء. وطَلاق النساءِ لِمعنَيين: أحدهما حَلّ عَقْد النكاح، والآَخر بمعْنى التَّخلية والإرْسال. (س) وفي حديث الحسن <إنك رجل طِلَّيقٌ> (في ا: <طَلِقٌ> ) أي كثير طَلاَق النِّساء. والأجودُ أن يقال: مِطْلاقٌ ومِطليق وطُلَقَة. ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <إن الحَسنَ مِطْلاَقٌ فلا تُزَوِّجُوه>. (س) وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <ان رجُلا حجَّ بأمِّه فحَمَلها على عَاتِقه، فسأله، هل قَضى حقَّها؟ قال: لاَ، ولا طَلْقةً واحدةً> الطَّلْق: وجَعُ الوِلاَدة. والطَّلْقة: المرَّة الواحدة. (س) وفيه <أن رجلا اسْتَطْلَق بَطْنُه> أي كَثُرَ خُرُوج ما فيه، يُريدُ الإسْهالَ. (س) وفي حديث حُنين <خرجَ إليها ومعَه الطُّلَقَاء> همُ الَّذين خَلَّى عنهم يوم فَتْح مكة وأطْلَقهم فلم يَسْتَرِقَّهم، واحدُهم: طَلِيق، فَعِيل بمعنى مَفْعول. وهو الأسير إذا أطْلِق سَبيله. (س) ومنه الحديث <الطُّلَقاء من قُرَيش والعُنَقاَء من ثَقِيف> : كأنه ميَّزَ قُريشاً بهذا الاسم، حيث هو أحْسَنُ من العُنقَاء. وقد تكرر في الحديث. {طلل} (ه) فيه <أن رجُلاً عضَّ يَدَ رَجُل فانتَزَعها من فيه فسَقَطت ثَنَايا العاضِّ، فطَلَّها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> أي أهْدَرَها. هكذا يُروى <طَلَّها> بالفتح، وإنما يقال: طُلَّ دمُه، وأُطِلَّ، وأطَلَّه اللّهُ. وأجازَ الأوَّلَ الكِسَائِيُّ (عبارة الهروي: وقال الكسائي: يجوز طَلَّ الدمُ نفسُه). ومنه الحديث <مَن لا أكَل ولا شَرِب ولا اسْتَهلَّ، ومثلُ ذلك يُطَلُّ>. (ه) وفي حديث يحيى بن يَعَمر <أنشأتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها> طَلَّ فلانٌ غَرِيمَه يَطُلُّه إذا مَطَله. وقيل (القائل هو المبرّد، كما ذكر الهروي) يَطُلُّها: يَسْعى في بُطْلاَنِ حقِّها، كأنه من الدَّم المَطْلُولِ. (س) وفي حديث صفية بنت عَبْد المُطَّلِب <فأطَلَّ علينا يَهُودي> أي أشْرَف وحَقِيَقُته: أوْفَى علينا بِطَلَلِه، وهو شَخْصُه. (س) ومنه حديث أبي بكر <أنه كان يُصَلّي على أطْلاَل السَّفينة> هي جمع طَلَل، ويُريد به شِرَاعَها. وفي حديث أشراط الساعة <ثم يُرْسِل اللّه مَطرا كأنَّه الطَّلُّ> الطَّلّ: الذي يَنْزِل من السَّماء في الصَّحْو. والطَّلُّ أيضا: أضْعفُ المَطَر. {طلم} (ه) فيه <أنه مَرَّ برجُلٍ يُعالج طُلْمةً لأصْحابه في سَفر> الطُّلْمة: خُبْزَة تُجْعل في المَلَّة، وهي الرَّمادُ الحارُّ. وأصلُ الطَّلْم: الضَّربُ بِبَسْط الكفِّ. وقيل الطُّلمة: صفِيحة من حجارةٍ كالطَّابَق يُخْبَز عليها. وفي شعر حسَّان في رواية: تُطَلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النِّساءُ* والمشْهُورُ في الرواية <تُلَطِّمُهنَّ> (وهي رواية الديوان ص 1, ط ليدن. وصدر البيت: تظلُّ جيادُنا مُتَمَطِّراتٍ*) وهو بمعناه. {طلا} (ه) فيه <ما أطْلَى نّبِيٌّ قطُّ> أي ما مَالَ إلى هَواهُ. وأصلُه من مَيل الطُّلَي، وهي الأعْناقُ، واحدتُها: طُلاَة. يقال: أطْلَى الرجُل ْطلاءً إذا مالَت عُنُقه إلى أحَد الشِّقَّين. (س) وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أنه كان يَرْزُقُهم الطِّلاَء> الطِلاء بالكسر والمدِّ: الشَّرابُ المطبوخُ من عَصِير العِنَب، وهو الرُّبُّ. وأصلُه القَطِرانُ الخَاثرِ الذي تُطْلى به الإبِلُ. (س) ومنه الحديث <إن أوَّلَ ما يُكْفَأُ الإسْلاَمُ كما يُكفأُ الإناءُ في شَرَاب يُقال له الطِّلاء> هذا نَحْوُ الحديث الآخَر <سَيَشْرب ناسٌ من أمَّتي الخَمْر يُسَمُّونها بغَير اسْمِها> يُريدُ أنهم يَشرَبون النَّبِيِذَ المُسْكِر المَطْبُوخ ويسمونه طِلاَءً؛ تَحرُّجاً من أن يُسَمُّوه خَمْرا. فأما الذي في حديث عليٍّ فليسَ من الخَمْر في شيءٍ، وإنما هو الرُّبُّ الحَلالُ. وقد تكرر ذكر الطِّلاء في الحديث. (س) وفي قصَّة الوليد بن المغيرة <إنَّ له لحَلاوةً وإنَّ عليه لَطْلاوةً> أي رَونَقا وحُسْناً. وقد تُفتح الطاء. {طمث} * في حديث عائشة <حتى جئنا سَرِفَ فَطَمِثْتُ> يقال طَمَثِت المرأةُ تَطْمِث طَمْثا إذا حاضَت، فهي طامِث، وطمثت إذا دَمِيَت بالافْتِضاض والطَّمث (قال في المصباح: <طَمَث الرجل امرأته طَمْثا، من بابي ضرب وقتل: افتَّضها وافترعها. وطَمَثت المرأةُ طَمْثاً، من باب ضرب: إذا حاضت. وطَمِثت تَطْمَث، من باب تعب، لغة>. وقال صاحب القاموس: <طَمَثت، كنَصَر وسَمِع: حاضت> ): الدَّم والنِّكاح. وقد تكرر ذكره في الحديث. {طمح} (س) في حديث قَيْلة <كُنْت إذا رَأيتُ رجُلا ذَا قِشْر طَمَحَ بَصري إليه> أي امتدَّ وعَلاَ. ومنه الحديث <فخرَّ إلى الأرض فطَمَحَت عَيناه إلى السَّماء>. {طمر} (ه) فيه <رُبّض أشْعَثَ أغْبَرَ ذي طِمْرَيْنِ لا يُؤبَه له> الطِّمْر: الثوبُ الخَلَق. (ه) وفي حديث الحساب يوم القيامة <فيَقُول العَبْد: عِنْدي العظَائمُ المُطَمَّرات> أي المُخبَّأت من الذُّنوب. والأمُور المُطَمِّرات بالكسر: المُهْلِكات، وهو من طَمَرْتُ الشيء إذا أخْفَيتَه. ومنه المَطْمُورَةُ: الحَبْسُ. وفي حديث مُطَرِّف <من نامَ تحتَ صَدَفٍ مَائلٍ وهو يَنْوي التَّوكُّل فلْيَرْمِ نفسَه من طَمَارِ وهو يَنْوي التوكل> طَمَار: بوزن قَطَام: الموضع المُرْتَفع العَالي. وقيل هو اسم جَبَل: أي لا ينبغي أن يُعرِّض نفسه للمَهالِك ويقول قد توكَّلْت. (ه) وفي حديث نافع <كنت أقولُ لابن دَأْب إذا حدَّث: أقِمِ المِطْمَر> هو بكسر الميم الأولى وفتح الثانية: الخيط الذي يُقَوَّم عليه البِناءُ، ويُسَمَّى التُّرَّ (بالفارسية. كما ذكر الهروي) أي أقول: قَوِّم الحديث واصْدُق فيه. {طمس} (س) في صفة الدَّجال <أنه مَطْمُوس العَيْن> أي مَمْسُوحها من غير بَخَص. والطَّمْس: استِئْصال أثَرِ الشيء. وفي حديث وفد مَذْحِج <ويُمْسِي سَرَابُها طَامِسا>أي أنَّه يذْهَب مرَّة ويعُود أخْرى. قال الخطَّابي: كان الأشبَه أن يكون <سَرَابُها طَامِيا> ولكن كذا يُروى. وقد تكرر ذكر الطَّمْس في الحديث. {طمطم} (ه) في حديث أبي طالب <أنه لَفي ضَحْضَاحٍ من النَّار، ولولاَيَ لكانَ في الطَّمْطَام> الطَّمْطَامُ في الأصْل: مُعْظَم ماء البَحْر، فاستَعَاره ها هنا لمُعْظم النَّار، حيث اسْتَعار ليَسيرها الضَّحْضَاح، وهو الماءُ القليلُ الذي يَبْلُغ الكَعْبَيْن. [ه] وفي صفة قريش <ليس فيهم طُمْطُمَانِيّة حِمْيَر> شبَّه كلام حِمْيَر لِمَا فيه من الأْلَفاظ المُنْكَرة بكلام العَجَم. يقال: رجلٌ أعْجَمُ طِمْطِمٌّي. وقد طَمْطَم في كلامه. {طمم} * في حديث حُذيفة <خَرَج وقد طَمَّ شَعَرَه> أي جَزَّه واسْتَأصَله. ومنه حديث سَلمان <أنه رُئِيَ مطْمُومَ الرأس>. (س) والحديث الآخر <وعنده رجُل مَطْمُوم الشَّعَرِ>. (س) وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لا تُطَمّ امرأةٌ أو صَبِيٌُ تَسمَعُ كلامَكم> أي لا تُزَاعُ (في ا: <تُراع> بالراء) ولا تُغْلب بكَلِمة تَسمَعُها من الرَّفَث. وأصلُه من طَمَّ الشيءُ إذا عظُم. وطَمَّ الماءُ إذا كثُر، وهو طامٌّ. [ه] ومنه حديث أبي بكر رضي اللّه عنه والنَّسَّابة <ما مِن طاَّمِة إلاَّ وفوقَها طامَّةٌ> أي ما من أمْرٍ عَظِيم إلا وفوقَه ما هو أعْظَمُ منه. وما مِنْ دَاهِيةٍ إلاَّ وفوقَها داهيةٌ. {طما} (ه) في حديث طَهْفة <ما طمَا البحرُ (في الهروي: <بحر> ) وقام تِعَارُ> أي ارْتفعَ بأمْواجِه وتِعَار: اسمُ جَبَل. {طنب} (ه) فيه <ما بَين طُنْبَيِ المَدِينة أحوجُ منِّي إليها> أي ما بَين طَرَفيها. والطُّنُب: أحدُ أطْنَاب الخَيمة، فاسْتعارَه للطَّرَف والنَّاحِية. (ه) وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أن الأشعثَ بن قَيس تزوّج امرأةً على حُكْمِها فردَّها عمر إلى أطْنَاب بَيِتها> أي إلى مَهْرِ مِثْلها. يُريد إلى ما بُنِي عليه أمْرُ أَهْلِها وامتدَّت عليه أطْنَابُ بُيُوتِهم. (ه) ومنه الحديث <ما أُحِبُّ أن بَيْتِي مُطنَّبٌ ببَيْت محمَّد، إني أحْتَسِب خُطايَ> مُطَنَّب: أي مَشْدُودٌ بالأطْنَاب، يعني ما أُحبُّ أن يكون بَيْتي إلى جانِب بيْته؛ لأني أحْتَسِب عندَ اللّه كثرةَ خُطايَ من بَيْتِي إلى المَسْجِد. {طنف} * في حديث جُرَيج <كان سُنَّتُهُم إذا تَرهَّب الرجُل منهم ثم طُنِّف بالفُجُور لم يقبلوا منه إلا القَتْل> أي اتُّهم. يقال: طَنَّفْتُه فهو مُطَنَّف: أي اتْهَمْتُه فهو مُتَّهَم. {طنفس} * قد تكرر فيه ذكر <الطُّنْفُسة> وهي بكسر الطاء والفاء وبضمها، وبكسر الطاء وفتح الفاء: البساطُ الذي له خَمْل رَقيق، وجمعُه طَنَافِس. {طنن} (س) في حديث عليّ رضي اللّه عنه <ضَرَبه فأَطنَّ قِحْفَه> أي جَعَله يَطِنّ من َصْوت القَطْع. وأصلُه من الطَّنِين وهوَ صَوْتُ الشيء الصُّلْب. ومنه حديث مُعاذ بن الجَمُوح <قال: صَمَدْتُ يوم بَدْر نحو أبي جهل، فلمَّا أمْكَنَني حَمْلْتُ عليه وضربْتُه ضربةً أطنَنْتُ قَدَمَه بِنْصْفِ ساقه، فواللّه ماأُشَبّهُها حين طاحَت إلا النَّوَاةَ تطيحُ من مِرْضَخَة النَّوى> أطْنَنْتُها: أي قَطعتُها. استعَاره من الطَّنِين: صَوْتِ القَطْع. والمِرضَخة: الآَلُة التي يُرَضَخ بها النَّوى: أي يُكْسَر. (س) وفي الحديث <فمن تَطَّنُّ؟ > أي من تَتهمُ، وأصلُه تَظْتَنُّ، من الظِّنَّة: التُّهمَةَ، فأدغم الظَّاء في التَّاء، ثم أبْدل منهما طَاء مشَدَّدة، كما يقال مُطَّلم في مُظْتَلم. أوْرَده أبو موسى في هذا الباب، وذكَر أن صَاحِب <التَّتَّمة> أوْرَده فيه لظَاهِر لَفْظه. قال: ولو رُوي بالظاء المعجمة لجازَ. يقال: مُطْلِم ومظّلِمٌ، ومضطَلِم، كما يقال: مُدَّكِرٌ ومُذَّكِر ومُذْدكر. ومنه حديث ابن سِيرن <لم يكن عَليٌّ يُطَّنُّ في قَتْل عُثْمان> أي يُتَّهم. ويُرْوى بالظاء المعجمة. وسَيَجيءُ في بابه. {طنا} * في حديث اليهودية التي سَّمت النبي صلى اللّه عليه وسلم <عَمَدَتْ إلى سُمٍّ لا يُطْنَي> أي لا يسلم عليه أحد. يُقَال: رَمَاه اللّه بأفْعَى لا تُطْنِي، أي لا يُفْلِت لَدِيُغها. {طوب} (ه) فيه <إن الإسْلامَ بدأ غريباً وسَيعود [غريباً] (زيادة من ا واللسان) كما بَدَأ، فطُوبَى للغُرَباء> طُوبَى: اسمُ الجنَّة. وقيل هي شَجَرةٌ فيها، وأصلُها: فُعْلى، من الطّيب، فلما ضُمَّت الطاءُ انقلبت الياء وَاواً. وقد تكررت في الحديث. وفيه <طُوبَى للشَّام لأنَّ الملَائكةَ باسِطَةٌ أجْنِحَتَها عليها> المراد بها ها هنا فُعْلى من الطيّب، لا الجنة ولا الشَّجَرة. {طوح} (س [ه]) في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه في يوم اليَرْمُوك <فما رُئي مَوُطنٌ أكثَرُ قِحْفَا ساقطاً، وكفًّا طائحةً> أي طَائرةً من مِعْصَمها سَاقطَة. يقال طاحَ الشيء يَطُوحُ ويَطيح إذا سَقَط وهَلَك، فهو عَلَى يَطيح من باب فَعِل يَفْعِل، مثل حسِب يَحْسِب وقيل هو من باب باع يَبِيع. {طود} * في حديث عائشة تصِفُ أباها <ذاك طَوْدٌ مُنِيف> أي جَبَل عالٍ. وقد تكرر في الحديث. {طور} * في حديث سَطيح فإنَّ ذَا الدَّهْرَ أطْوارٌ دَهارِيرُ* الأطْوارُ: الحالاَتُ المُخْتَلِفة والتَّارَات، والحدُودُ، وَاحدُها طَوْرٌ: أي مَرَّةً مُلْك ومَرَّةً هُلْك ومَرَّةً بُؤْس ومرةً نُعْم. (س) ومنه حديث النَّبِيذ <تَعدَّى طَورَه> أي جاوزَ حَدَّه وحاله الذي يَخُصُّه ويَحلّ فيه شُرْبُه. وفي حديث علي رضي اللّه عنه <واللّه لا أطُورُ به ما سَمَر سَمِيرٌ> أي لا أقْرَبُه أبداً. {طوع} (ه) فيه: <هَوًى مُتَّبَعٌ وشُحٌ مُطَاعٌ> هو أن يُطِيعَه صاحِبَه في مَنْع الحُقُوق التي أوجَبها اللّهُ عليه في مالِه. يقال: أطَاعه يُطِيعه فهو مُطِيع. وطَاع له يَطُوع ويَطِيع فهو طائِع، إذا أذْعَن وانقادَ، والاسمُ الطَّاعة. ومنه الحديث <فإنْ هُم طَاعُوا لك بذلك> وقيل: طَاع: إذا انْقَاد، وأطِاع: اتَّبَع الأمْرَ ولم يُخَالفه. والاستطَاعة: القُدْرة على الشَّيء. وقيل: هي اسْتِفْعال من الطّاعة. (س) وفيه <لا طَاعَة في مَعْصِية اللّه> يُريد طاعةَ وُلاَةِ الأمر إذا أمِرُوا بما فيه مَعْصِية كالقَتْل والقَطْع ونحوه. وقيل: معناه أن الطَّاعَةَ لا تَسْلم لصاحِبِها ولا تخْلُص إذا كانت مَشُوَبًة بالمَعْصية، وإنَّما تَصحُّ الطَّاعة وتَخلُص مع اجْتِنباب المعاصي، والأوّل أشْبَه بمعنى الحديث، لأنه قد جاء مُقَيَّدا في غيره، كقوله <لا طاعةَ لمَخْلُوق في مَعْصية اللّه> وفي رواية <مَعْصية الخَالِق>. وفي حديث أبي مسعود البَدْرِيّ رضي اللّه عنه <في ذكر المُطَّوِّعِين من المؤمنين> أصلُ المُطّوِّع: المُتَطَوِّع، فأدْغِمَت التاءُ في الطاء، وهو الذي يفعل الشيء تبرُّعا من نَفْسه. وهو تفُّعل من الطَّاعة. {طوف} (ه) في حديث الهِرّة <إنَّما هي من الطوَّافين عَلَيكم والطَّوّافات> الطّائف: الخادمُ الذي يَخْدُمُك برفْقٍ وعنَاية، والطوَّاف فَعَّال منه، شَبَّهها بالخَادمِ الذي يَطُوف على مَولاهُ ويدورُ حَوله، أخْذاً من قوله تعالى: <لَيْسَ عَلَيْكُم وَلاَ عَليهمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم> ولمّا كان فيهنّ ذكورٌ وإناثٌ قال: الطّوَّافون والطّوَّافات. (س) ومنه الحديث <لقد طَوْفتُما بي اللَّيلَة> يقال: طوَّف تَطْويفاً وتَطْوَافا. ومنه الحديث <كانت المرأة تَطوفُ بالبَيتِ وهي عُرْيَانَةٌ فَتَقُول: من يُعِيرني تَطْوَافاً؟> تَجْعله على فَرْجِها. هذا على حَذْف المُضَاف: أي إذا تَطْوَف. ورواه بعضُهم بكسر التَّاء. وقال: هو الثَّوب الذي يُطَاف به، ويجوز أن يكون مَصْدَراً أيضاً. وفيه ذكر <الطَّواف بالبيت> وهو الدَّوَرَانُ حوله. تقول: طُفْت أطُوف طَوْفا وطَوَافا، والجمعُ الأطْوَاف. (ه) وفي حديث لَقِيط <ما يَبْسُط أحدُكم يَده إلاَّ وقَع عليها قَدَحٌ مُطَهَّرَة من الطوْفِ والأذَى> الطَّوْف: الحَدَث من الطَّعام. المعنَى أنَّ مَن شَرِب تلْك الشَّربَة طَهُر من الحَدَث والأذى (بعده في الهروي: <وهو الحيض> ). وأَنَّثَ القَدَح لأنه ذَهَب بها إلى الشَّرْبة. ومنه الحديث <نُهى عن مُتَحَدِّثَيْن على طَوْفِهما> أي عند الغَائِط. [ه] وحديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <لا يُصَلِّ (في الأصل وا: <لا يصلِّي> وفي اللسان: <لا يصلِّينَّ> والمثبت من الهروي) أحدُكم وهو يُدَافع الطَّوْف> ورَواه أبو عُبيد عن ابن عبَّاس. وفي حديث عمرو بن العاص، وذكر الطاعونَ فقال <لا أرَاه إلاَّ رِجْزاً أو طُوفانا> أرادَ بالطُّوفان البَلاءَ، وقيل الموت. {طوق} (ه) فيه من ظَلَم شِبْرا من أرضٍ طَوّقه اللّهُ مِن سَبْع أرْضَيِن> اي يَخْسِف اللّهُ به الأرضَ فتَصير البُقْعَة المغْصُوبة منها في عُنُقه كالطَّوق. وقيل: هو أن يُطَوَّق حَمْلَها يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف لاَ من طَوْق التَّقْليد. (ه) ومن الأَوّل حديث الزكاة <يُطَوَّقُ مالَه شُجَاعاً أقْرَعَ> أي يُجْعل له كالطّوْق في عُنقه. ومنه الحديث <والنخلُ مُطَوَّقَةٌ بثَمرها> أي صَارَت أعذاقُها لهَا كالأطْوَاق في الأعْنَاق. ومن الثاني حديث أبي قَتادة ومُرَاجَعة النبيّ صلى اللّه عليه وسلم في الصَّوم <فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ودِدْت أني طُوِّقتُ ذلك> أي ليتَه جُعِل ذلك داخلاً في طَاقتي وقُدْرَتي، ولم يكن عاجزاً عن ذلك غير قَادرٍ عليه لضَعْف فيه، ولكن يَحْتَمِلُ أنه خافَ العجز عنه للحقوق التي تَلْزَمُه لنسَائه، فإن إدَامَة الصَّوم تُخِلُ بحظُوظهنّ منه. (س) ومنه حديث عامر بن فُهَيْرة: كُلّ امْرىءٍ مُجَاهِدٌ بطَوْقِهِ* أي أقْصى غَايَتِه، وهو اسمٌ لِمْقدار ما يُمْكِن أن يَفْعَله (في ا <يُفْعَل> ) بمشَقَّة منه. وقد تكرر في الحديث. {طول} (س) فيه <أُوتيتُ السَّبْعَ الطُّوَلَ> الطُّوَل، بالضم: جمعُ الطُّولَي، مثل الكُبَر في الكُبْرى. وهذا البنَاءُ يلزمُه الألف واللامُ والإضافةُ. والسَّبع الطوَل هي البَقَرة، وآل عِمران، والنِّساء، والمَائِدة، والأنْعَام، والأعْراف، والتَّوبة. ومنه حديث أم سَلَمة <انه كان يقرأُ في المَغْرب بطُولَي الطّولَيَيْن> الطولَيَيْن: تَثْنِية الطُّولَى، ومُذكَّرُها الأطولُ: أي أنه كان يقْرأ فيها بأطْول السُّوَرَتين الطَّوِيَلَتِين. تَعْني الأنْعَام والأعْرَافَ. (س) وفي حديث استسقاء عمر <فَطَالَ العبَّاسُ عَمَر> أي غَلَبه في طُول القَامة، وكان عمر طَوِّيلا من الرِّجال، وكان العبَّاس أشدَّ طُوْلاً منه. ورُوَي أن امْرأًة قالَت: رأيتُ عبَّاساً يَطْوفُ بالبيتِ كأَنَّه فُسْطَاط أبْيَضُ، وكانَت رَأتْ عليّ ابن عبد اللّه بن عباس، وقد فَرَعَ الناسَ طُولاً، كأنه رَاكبٌ مع مُشَاة، فقالت: من هذا فأُعْلِمْتَ، فقالت: إنَّ الناس ليَرْذُلُونَ. وكان رأس عليّ بن عبد اللّه إلى مَنْكِب أبيه عبد اللّه، ورَأسُ عبد اللّه إلى مَنْكِب العبَّاس، ورأسُ العبَّاس إلى مَنكب عبد المطلب. (س) وفيه <اللهم بك أُحاول وبك أُطاوِل> أُطاول: مُفاعَلة من الطَّوْل بالفتح، وهو الفَضْل والعُلُوّ على الأعْداء. (ه) ومنه الحديث <تَطَاوَل عليهم الرَّبُّ بفَضْله> أي تَطوّل (في الهروي: <أي أشرفَ> )، وهو من باب: طارَقْتُ النَّعْل، في إطْلاقها على الوَاحد. ومنه الحديث <أنه قال لأزْواجه: أوَّلُكُنَّ لُحوقاً بِي أطْوُلكنَّ يَداً، فاجْتَمَعْن يَتَطَاوَلْن، فطالَتْهَّن سَوَدُة، فماتَت زينَبُ أوَّلَهُنّ> أرادَ أمَدَّكُنَّ يداً بالعَطاء، من الطَّوْل، فظَنَنَّه من الطُّولِ. وكانَت زينَبُ تَعْمَلُ بيدِها وتَتَصدقَّ به. (ه) ومنه الحديث <إنَّ هَذَين الحَّيْين من الأوْس والخَزْرَج كانَا يتَطَاوَلاَن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تَطَاوُلَ الفَحْلَين> أي يَسْتَطِيلان على عَدوّه ويتَبارَيان في ذلك ليكونَ كُلُّ واحدٍ منهُمَا أبْلَغ في نُصْرَته من صَاحِبه، فشُبّه ذلك التَّبَارِي والتَّغَالب بتَطاوُل الفَحْلَين على الإبل، يَذُبُّ كلُّ واحد منهُما الفُحُولَ عن إبله ليَظْهر أيُّهما أكثرُ ذَبًّا. (ه) ومنه حديث عثمان <فتَفرَّق الناسُ فِرَقاً ثلاثاً: فصَامتٌ صَمْتُه أنْفَذُ من طَوْل غَيره> ويُروى <من صَوْل غيره> أي إمْسَاكه أشدُّ من تَطَاول غَيره. يقال: طَال عليه، واسْتَطال، وتَطَاوَل، إذا عَلاَه وتَرْفَّعَ عليه. (س) ومنه الحديث <أرْبَى الرِّبا الاْستطالَةُ في عِرْض النَّاس> أي اسْتِحْقارُهم، التَّرَفُّع عليهم، والوَقيعةُ فيهم. (س) وفي حديث الخيل <ورجلٌ طَوّل لها في مَرْج فقَطَعَتْ طِوَلَها>. (ه) وفي حديث آخر <فأطَالَ لها فقَطعت طِيَلَها> الطِّوَل والطِّيَل بالكسر: الحبْل الطّويل يُشَدُّ أحد طَرَفَيه في وتِد أو غَيره والطَّرَف الآخر في يَد الفَرس ليَدُورَ فيه ويَرْعَى ولا يَذْهَب لوجْهِه. وطَوَّل وأطال بمعنًى: أي شدّها في الحبْل. * ومنه الحديث <لِطِوَلِ الفَرسِ حمًى> أي لصَاحِب الفَرَس أن يَحْمِيَ الموضعَ الذي يَدُورُ فيه فَرَسُه المشدُودُ في الطِّوَل إذا كانَ مبُاحا لاَ مالِكَ له. وفيه <أنه ذكر رجُلا من أصْحابه قُبِض فكُفِّن في كَفَنٍ غيِر طائِل> أي غَيرِ رَفِيع ولا نَفِيس. وأصلُ الطَّائِل: النَّفْع والفائِدة. (س) ومنه حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه في قَتْل أبي جهل <ضَرْبْتُه بسَيفٍ غَيرِ طائِل> أي غير ماضٍ ولا قَاطِع، كأنه كان سَيفاً دُوناً بينَ السُّيوف. {طوا} (س) في حديث بدر <فَقَذِفُوا في طَوِىٍّ من أطواء بدْرَ> أي بئر مَطْوِيَّة من آبارِها. والطَّوِىُّ في الأْصل صِفةٌ، فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُول، فلذلك جَمعُوه على الأطواءِ، كَشرِيف وأشْراف، ويَتيِم وأيْتَام، وإن كان قد انْتَقَل إلى باب الاْسمَّية. وفي حديث فاطمة رضي اللّه عنها <قال لها: لا أُخْدِمُكِ وأتْرُكُ أهل الصُّفَّة تَطْوَى بُطوُنهم> يقال: طَوِىَ من الجُوع يَطْوَى طَوًى فهو طاوٍ: أي خالِي البَطْن جائع لم يأكل. وطَوَى َيطوِى إذا تعمَّد ذلك. (س) ومنه الحديث <يَبِيتُ شْبعانَ وجارُه طاوٍ>. والحديث الآخر <يَطْوِى بَطْنَه عن جَارِه> أي يُجِيع نَفْسه ويُؤْثِر جارَه بطَعامِه. (س) والحديث الآخر <أنه كان يَطْوِي يوميْن> أي لا يَأْكُل فيهما ولا يَشْرَب. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث عليّ وبِناء الكعبة <فَتطَوَّتْ موضِعَ البيت كالحَجَفَة> أي استَدَارَت كالتُّرْس. وهو تَفَعَّلَت، من الطَّيّ. وفي حديث السَّفَر <أطْوِ لنَا الأرْض> أي قَرِّبْها لنا وسَهِّل السَّيْر فيها حتى لا تَطُولَ علينا، فكأنَّها قد طُوِيت. ومنه الحديث <إن الأرضَ تُطْوَي باللَّيل ما لا تُطْوى بالنَّهار> أي تُقْطَع مسافَتُها، لأنَّ الإنسان فيه أنشطُ منه في النَّهار، وأقدرُ على المَشْي والسَّير لعدَمِِ الحرِّ وغيره. وقد تكرر في الحديث ذِكر <طُوًى> وهو بضم الطاء وفتح الواو المخفّفة: موضعٌ عند باب مكة يُستحبُّ لمن دَخَل مكة أن يَغْتسل به. {طهر} (ه) فيه <لا يَقْبلُ اللّهُ صلاةً بغير طُهُور> الطُّهُور بالضم: التَطَهُّر، وبالفَتح الماءُ الذي يُتَطهَّر به، كالوَضُوء والوضوء، والسُّحُور والسَّحور. وقال سيبويه: الطَّهور بالفتح يقَع على الماء والمصْدَر مَعاً، فَعَلى هذا يجوز أن يكونَ الحديث بفتح الطاء وضمها، والمرادُ بهما التطهُّر. وقد تكرر لفظُ الطَّهارة في الحديث على اختلافِ تصرُّفِه. يقال: طَهَر يَطْهُر طُهْرا فهو طاهِر. وطَهُر يَطْهُر، وتَطَهَّر يَتَطَهَّر تَطهُّراً فهو مُتَطهِّر. والماء الطَّهُور في الفِقْه: هو الذي يَرفَعُ الحدَث ويُزيل النَّجَسَ؛ لأن فَعُولا من أبْنية المُبَالغة، فكأنَّه تنَاهى في الطَّهَارة. والماءُ الطَّاهرُ غير الطَّهُور: هو الذي لا يَرْفَع الحدَث ولا يُزِيل النَّجَسَ، كالمُسْتَعْمل في الوُضوء والغُسْل. ومنه حديث ماء البحر <هو الطَّهُورُ ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُه> أي المُطَهِّر. وفي حديث أم سَلَمة <إنّي أُطيلُ ذَيلِي وأمْشِي في المكان القَذِر، فقال لها رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يُطَهِّرُه ما بعده> هو خاصٌّ فيما كان يابساً لا يَعْلَق بالثَّوب منه شَيءٌ، فأمَّا إذا كان رَطْباً فلا يطْهُر إلاَّ بالغَسْل. وقال مَالِك: هو أن يَطأَ الأرضَ القَذِرة، ثم يَطَأَ الأرضَ اليابسَة النَّظِيفَة، فإنَّ بعضَها يُطَهِّر بعضاً. فأما النَّجاسةُ مِثْل البول ونحوه تُصِيب الثَّوب أو بعض الجَسد فإنَّ ذلك لا يُطَهِّره إلاَّ الماءُ إجْماعا. وفي إسْنادِ هذا الحديث مَقَالٌ. {طهم} (ه) في صفته عليه السلام <لم يكن بالمُطَهَّم> المُطَهَّم: المُنْتَفِخُ الوجْه. وقيل: الفَاحِشُ السِّمَن. وقيل: النحيفُ الجْسمِ، وهو من الأضدَادِ (في الهروي: <قال أحمد بن يحيى: اختلف الناس في تفسير هذا الحرف، فقالت طائفة: هو الذي كلّ عضو منه حَسَنٌ على حِدَته. وقالت طائفة: المطهَّم: الفاحش السِّمَن. وقيل: هو المنتفخ الوجه، ومنه قول الشاعر: ووجْهٌ فيه تَطْهيمُ* أي انتفاخ وجَهامة. وقالت طائفة: هو النحيف الجسم. قال أبو سعيد: الطُّهْمة والطُّخْمة في اللون: تجاوز السُّمرة إلى السواد، ووجهٌ مطهَّمُ، إذا كان كذلك> ). {طهمل} (س) فيه <وقَفَت امرأةٌ على عُمَر فقالت: إني امرأةٌ طَهْمَلة> هي الجَسِيمة القَبِيحة. وقيل الدَّقِيقة. والطَّهْمَل: الذي لا يُوجَدُ له حَجْمٌ إذا مُسَّ. {طها} [ه] في حديث أمّ زَرْع <وما طُهاةُ أبي زَرْع> تعني الطَّبَّاخين، واحدُهُم: طَاهٍ. وأصلُ الطَّهْو: الطَّبْخ الجَيدُ المُنضَجُ. يقال: طَهوتُ الطَّعام إذا أنْضَجْتَه وأتْقَنْتَ طَبْخَه. (ه) ومنه حديث أبي هريرة <وقيل له: أسَمِعْتَ هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال: إلاَّ (في الهروي: <إذاً> ) ما طَهْوِي؟> أي ماَ عَمَلي إن لم أسْمَعْه؟ يعني أنه لم يَكُن لي عَمَل غير السَّمَاع، أو أنه إنْكار لأن يكونَ الأْمُر على خِلافِ ما قالَ. وقيل هو بمعنى التَّعجُّب، كأنه قال: وإلاَّ فأيُّ شيء حِفْظِي وإحْكامي ما سَمِعْت (زاد الهروي على هذه التوجيهات، قال: <وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: الطَّهْي: الذَّنْبُ في قول أبي هريرة. وطَهَى طَهْياً إذا أذنب. يقول: فما ذنبي؟ إنما هو شيء قاله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم>. وقد حكى السيوطي في الدر النثير هذا التوجيه عن الفارسي، عن ابن الأعرابي أيضا)! {طيب} * قد تكرر في الحديث ذكر <الطَّيِّب والطَّيِّبات> وأكثر ما تَرِدُ بمعنى الحَلال، كما أنَّ الخبيثَ كنايةٌ عن الحَرام. وقد يَرِدُ الطَّيِّب بمعنى الطاهر. (ه) ومنه الحديث <أنه قال لعمَّار (أخرجه الهروي من قول عمار نفسه): مَرْحباً بالطَّيِّب المُطَيَّب> أي الطاهر المُطَهَّر. (ه) ومنه حديث علي <لمَّا ماتَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: بأبي أنتَ وأمِّي طِبتَ حيًّا ومَيِّتاً> أي طَهُرْتَ. (ه) <والطَّيّباتُ في التَّحيّات> أي الطَّيِباتُ من الصلاة والدعاء والكلام مَصْروفاتٌ إلى اللّهِ تعالى. (ه) وفيه <أنه أمَر أن تُسَمَّى المدينةُ طَيْبةَ وطابةَ> هما من الطِّيب، لأن المدينة كان اسمُها يَثْرِبَ، والثَّرْب (في الهروي: <التثَرُّب> ) الفَساد، فنَهى أن تُسَمَّى به وسمَّاها طَيْبَة وطابةَ، وهما تأنيثُ طَيْبٍ وَطَابٍ، بمعنى الطِّيبِ. وقيل: هو من الطيِّب بمعنى الطاهر، لخُلُوصِها من الشِّرك وتطهيرها منه. ومنه الحديث <جُعِلت لِيَ الأرضُ طيِّبة طَهوراً> أي نَظِيفة غير خَبِيثة. وفي حديث هَوازِنَ <من أحبَّ أن يُطَيَّب ذلك منكم> أي يُحَلِّله ويُبيحَه. وطابَت نفسُه بالشيء إذا سَمَحت به من غير كَراهة ولا غَضَب (في بعض النسخ بالصاد المهملة. قاله مصحح الأصل). (ه) وفيه <شهدتُ غُلاماً مع عُمُومَتي حِلْفَ المُطَيَّبين> اجتمعَ بَنُو هاشم وبَنُو زُهْرة وتَيْمٌ في دارِ ابن جُدْعان في الجاهليَّة، وجَعلوا طِيبا في جَفْنةٍ وغَمَسوا أيديهم فيه، وتحالَفُوا على التَّناصُر والأخذِ للمظلوم من الظَّالم، فسُمُّوا المطَيَّبين. وقد تقدم في حرف الحاء. (ه) وفيه <نَهَى أن يَسْتَطِيب الرجُلُ بيمينه> الاسْتِطابة والإطابة: كِنايةٌ عن الاسْتِنْجاء. سُمِّي بها من الطيب؛ لأنه يُطيِّبُ جَسَده بإزالة ما عليه من الخَبَث بالاسْتِنْجاء: أي يُطَهِّره. يقال منه: أطابَ واسْتَطاب. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفيه <ابْغِني حَديدةً أسْتَطيبُ (في الهروي: <أستَطِبْ> ) بها> يريدُ حَلْقَ العانةِ؛ لأنه تنظيفٌ وإزالَةُ أذًى. (ه) وفيه <وهم سَبْيٌ طِيَبَةٌ> الطِّيَبَة - بكسر الطاء وفتح الياء - فِعَلة، من الطِّيب، ومعناه أنه سَبْيٌ صحيحُ السِّباء لم يكن عن غَدْر ولا نَقْض عَهْد. وفي حديث الرؤيا <رأيتُ كأننا في دارِ ابْن زَيدٍ وأُتِينا برُطَب ابنِ طابٍ> هو نوعٌ من أنْواع تَمْر المدينة مَنْسوب إلى ابن طابٍ: رجلٍ من أهلِها. يقال: عِذقُ ابنِ طابٍ، ورُطَب ابن طابٍ، وتمر ابن طاب. (س) ومنه حديث جابر <وفي يده عُرْجُون ابنِ طابٍ>. (ه) وفي حديث أبي هريرة <أنه دخل على عُثْمان وهو مَحْصُور، فقال: الآنَ طاب امْضَرْبُ> أي حلَّ القِتال. أراد: طاب الضَّرْبُ، فأبدلَ لام التَّعْريف ميماً، وهي لُغةٌ معروفةٌ. وفي حديث طاوس <أنه سُئل عن الطابَة تُطبخُ على النِّصْف> الطابةُ: العصِير، سُمِّي به لِطِيبه وإصْلاحْه، على النِصف: هو أن يُغْلي حتى يَذْهَب نِصفه. {طير} (ه س) فيه <الرؤيا لأوّلِ عابر، وهي على رِجْل طائرٍ> كلُّ حَركةٍ من كلمة أو جارٍ يَجْري فهو طائر مجازاً، أراد: على رِجْل قَدَرٍ جارٍ، وقَضاءٍ ماضٍ، من خيرٍ أو شرٍ، وهي لأوّل عابرٍ يَعْبُرها: أي أنها إذا احتَمَلت تأوِيلَين أو أكثر فَعَبَرها من يعْرف عِبارتها وقَعَت على ما أوَّلَها، وانْتفى عنها غَيرُه من التأْويل. وفي حديث آخر <الرُّؤْيا على رِجْل طائرٍ ما لم تُعْبَر> أي لا يَسْتقِرّ تأْويلُها حتى تُعْبَر. يريدُ أنها سريعة السُّقُوط إذا عُبِرَت. كما أنَّ الطَّير لا يَسْتَقِرّ في أكْثَر أحواله، فكيفَ يكونُ ما على رِجْله؟ وفي حديث أبي ذَرٍّ <تركَنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما طائرٌ يَطِير بجَنَاحيه إلاَّ عِنْدنا منه عِلم> يعْني أنه اسْتَوفى بيانَ الشَّرِيعة وما يُحْتاج إليه في الدّين، حتى لم يبْق مُشْكِل. فضرَب ذلك مَثَلا. وقيل: أرَادَ أنه لم يَتْرك شيئاً إلاَّ بَيَّنه حتى بيّن لهم أحْكام الطَّير وما يَحِلُّ منه وما يَحْرُم، وكيفَ يُذْبَح، وما الذَّي يُفْدِي منه المُحْرِم إذا أصَابَه، وأشْباه ذلك، ولم يُرِد أنَّ في الطَّير علْمَا سِوَى ذلك علَّمهم إيَّاه، أو رَخَّص لهم أن يَتَعَاطَوْا زَجْرَ الطَّير كما كان يَفْعَله أهُل الجاهلية. وفي حديث أبي بكر والنَّسَّابة <فمِنْكم شَيَبةُ الحْمد مُطْعِمُ طيرِ السماء؟ قال: لا> شَيبةُ الحمد: هو عبد المطّلب بن هاشم، سُمِّي مُطْعِمَ طير السماء، لأنه لما نَحَرَ فِدَاء ابْنِه عبدِ اللَه أبِي النبي صلى اللّه عليه وسلم مائَة بعير، فَرّقها على رُؤُوسِ الجِبالِ فأكلتْها الطَّيرُ. (ه) وفي صفة الصحابة <كأنَّما على رُؤُوسهم الطَّير> وصَفَهم بالسُّكون والوَقَار، وأنهم لم يكن فيهم طَيْشٌ ولا خِفَّة؛ لأن الطَّيَر لا تَكادُ تقَعُ عَلَى شيءٍ سَاكِن. وفيه <رجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِه في سبيل اللّه يَطِير على مَتْنِه> أي يُجْرِيه في الجهَاد. فاستَعار له الطَّيَرانَ. ومنه حديث وابِصَة <فلما قُتِل عُثْمانُ طار قَلْبي مَطارَه> أي مالَ إلى جهة يَهْواها وتعلَّق بها. والمَطارُ: موضعُ الطَّيَران. (س) ومنه حديث عائشة <أنها سَمعت من يَقُول: إنَّ الشُّؤْمَ في الدَّارِ والمرْأَة، فطارَت شِقَّةٌ منها في السَّماء وشِقَّةٌ في الأرض> أي كأنها تفَرّقت وتقَطَّعت قَطَعاً، من شدَّة الغَضَب. (س) ومنه حديث عُرْوة <حتى تَطايَرت شُؤون رَأْسِه> اي تَفْرّقت فصَارَت قِطعاً. (س) ومنه الحديث <خُذْ ما تَطَاير من شَعَر رَأْسِك> أي طال وتَفَرّق. وفي حديث أمّ العلاء الأنصارية <اقْتَسَمْنا المُهَاجرين فطَارَ لنا عُثْماُن بنُ مَظْعُون> أي حصَل نصِيبُنا منهم عُثْمان. (س) ومنه حديث رُوَيْفِع <إنْ كانَ أحدُنا في زَمَان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لَيَطِيُر له النَّصْلُ وللآخَر القِدْحُ> معناهُ أنَّ الرَّجُلين كانَا يَقْتَسِمَان السَّهْم فيقع لأحدهما نَصْلُه وللآخر قِدْحُه. وطائرُ الإنسان: ما حَصَل له في عِلْم اللّه مما قُدِّر لَه. (ه) ومنه الحديث <بالمَيْمون طائرُه> أي بالمُبارَك حَظُّه. ويَجُوز أن يَكُون أصلُه من الطَّير السَّانِح والبارِحِ. وفي حديث السَّحور والصَّلاة ذكْر <الفجْر المُسْتَطِير> هو الذي انتَشَر ضَوءُه واعْتَرض في الأُفُق، بخلاف المُسْتَطِيل. ومنه حديث بني قُرَيظة: وهَانَ على سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ** حَرِيقٌ بالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ أي مُنْتَشِر متفرِّق، كأنه طار في نواحيها. (س) ومنه حديث ابن مسعود <فَقَدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة، فَقُلْنا: اغتِيل أو اسْتَطِير> أي ذُهِبَ به ُُسْرَعة كأن الطَّير حَمَلته، أو اغْتَالَه أحدٌ. والاسْتِطارَة والتطايُرُ: التفرّق والذَّهابُ. (ه) وفي حديث علي <فأطَرْتُ الحُلَّةَ بينَ نِسَائِي> أي فَرّقتُها بينَهُنّ وقسَّمْتها فيهنَّ. وقيل الهمزةُ أصْلِيَّةٌ. وقد تقدَّم. (س) وفيه <لا عَدْوى ولا طَيرَة> الطَّيَرَة بكسر الطاء وفتح الياء، وقد تُسَكّن: هي التَّشاؤُم بالشَّيء. وهو مصدر تَطَّير. يقال تَطَّيَرة طِيَرةً، وتَخَير خِيَرَةً، ولم يجيء من المصادر هكذا غيرها. وأصلُه فيما يُقال: التطير بالسَّوَانِح والبَوارِح من الطَّيْر والظباء وغَيرهما. وكان ذلك يَصُدّهم عن مَقاصِدِهم، فنفَاه الشَّرْعُ، وأبْطَله ونَهى عنه، وأخبَر أنَّه ليس له تأثِيرٌ في جَلْب نفْعٍ أو دَفعٍ ضَرٍّ. وقد تكرر ذكرها في الحديث اسْماً وفِعْلاً. ومنه الحديث <ثَلاثٌ لا يَسْلَم أحدٌ منهنَّ: الطِّيَرَةُ والحَسَدُ والظَّنُّ. قيل: فما نَصْنَع؟ قال: إذا تَطَّيْرتَ فامْضِ، وإذا حَسَدْتَ فلا تَبْغِ، وإذا ظَنَنْتَ فلا تُحَقِّق>. ومنه الحديث الأخر <الطِّيَرةُ شِرْكٌ، وما مِنَّا إلاَّ، ولكَنَّ اللّه يُذهِبُه بالتَّوكُّل> هكذا جاء في الحديث مَقْطُوعاً. ولم يذكر المُسْتَثْني: أي إلاَّ وقَد يَعْتَرِيه التَّطيُّر وتَسْبق إلى قَلْبه الكَراهَةُ. فحُذف اخْتِصاراً واعْتِماداً على فَهْم السَّامع. وهذا كحديِثه الآخر <ما فينا إلا َّمنْ هَمَّ أوْ لَمَّ، إلاَّ يحيى بن زَكَرِيَّا> فأظْهرَ المُسْتَثْنى. وقيل إنَّ قَوله: <وما مِنَّا إلاَّ> مِن قول ابن مسعود أدْرَجَه في الحديث، وإنما جَعَل الطَّيرُّة من الشِّرْك، لأنَّهُم كانوا يَعْتَقِدُون أن التَّطيُّر يَجْلب لهم نفْعاً أو يَدْفَع عنهم ضرٍّا إذا عَمِلوا بمُوجبه، فكأنَّهم أشْرَكُوه مع اللّهِ في ذلك. وقوله: <ولكنّ اللّهَ يُذْهُبه بالتَّوكُّل> معناه أنه إذا خَطر له عارِضُ التَّطير فتَوكَّل على اللّه وسلَّم إليه ولم يَعْمَل بذلك الخَاطر غَفره اللّه له ولم يُؤاخِذْه به. (ه) وفيه <إيَّاك وطِيَرَتِ الشَّباب> أي زَلاَّتِهم وغِرَّاتِهم (في الأصل واللسان: <وعَثَراتِهم> وأثبتنا ما في الهروي وا)، جمع طِيَرة. {طيش} * في حديث الحساب <فطاشَتِ السِّجِلاَّت وثَقُلَت البِطَاقةُ> الطَّيْشُ: الخِفَّة. وقد طاشَ يَطِيش طيْشَاً، فهو طَائِش. (س) ومنه حديث عمر بن أبي سَلَمة <كانت يَدِي تَطِيش في الصَّحْفَة> أي تخِفُّ وتَتَنَاول من كُل جَانِب ومنه حديث جرير <ومنها العَصِل الطَّائِش> أي الزالُّ عن الهَدَف كذا وكذا. (س) ومنه حديث ابن شُبْرُمة <وسُئِل عن السُّكْر فقال: إذا طاشَت رِجْلاه واخْتَلَط كلامُه>. {طيف} * في حديث المَبْعَث <فقال بَعْضُ القوم: قد أصَاب َهذا الغُلامَ لَمَمٌ أو طَيْفٌ من الجنِّ> أي عَرَض له عارِضٌ منهم. وأصْلُ الطيْف: الجُنْوُنُ. ثم اسُتْعمِل في الغَضب، ومَسِّ الشيطان ووسْوسَته. ويقال له طائف، وقد قُرئ بهما قوله تعالى <إنَّ الذَّين اتَّقَوْا إذا مَّسهُمْ طيْفٌ مِنَ الشَّيْطانِ> يقال طاف يَطِيف ويَطُوف طيْفا وطوْفا، فهو طائِف، ثم سُمّي بالمَصْدر، ومنه طيْفُ الخيَال الذي يَرَاه النائمُ. (س) ومنه الحديث <فطاف بي رجُلٌ وأنا نائِمٌ>. (س) وفيه <لا تزَال طائفةٌ من أمَّتي على الحق> الطائفةُ: الجماعة من النَّاس. وتقعُ على الوَاحد، كأنه أرادَ نَفْساً طائفةً. وسُئل إسحاق بن راهُويه عنه فقال: الطائفَة دُون الألْف، وسيَبْلُغ هذا الأمرُ إلى أن يكون عدد المُتَمَسِّكِيَن بما كان عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصْحابه ألفاً، يُسَلّي بذلك أن لا يُعْجبَهم كَثْرَةُ أهل الباطل. وفي حديث عِمْران بن حُصَين وغلامِه الآبق <لأقْطَعَنَّ منه طائفاً> هكذا في رواية: أي بعض أطرافِه. والطَّائفةُ: القِطْعةُ من الشيء. ويروى بالباء والقاف. وقد تقدَّم. {طين} (ه) فيه <ما مِن نَفْسٍ منفُوسةٍ تموتُ فيها مِثْقَالُ نمْلَة من خَير إلاَّ طِينَ عليه يومَ القيامة طَيْناً> أي جُبل عليه. يقال طانَه اللّه على طِيَنته: أي خَلقه على جِبِلَّته. وطِيَنُة الرجُل: خَلْقُه وأصْلُه. وطَيْنا مصْدَر من طان. ويُروى > طِيَم عليه> بالميم. وهو بمَعْنَاهُ. {طيا} (ه) فيه <لمَّا عَرَض نَفْسَه على قبائل العَرَب قالوا له: يا مُحمدُ اعْمَدْ لِطِيَّتك> (الطَّية، بالتشديد والتخفيف. كما ذكر الهروي والسيوطي في الدر) أي امْضِ لوجْهِك وقصْدِك. والطِّية: فِعْلة، من طَوَى. وإنَّمَا ذَكَرْناها ها هنا لأْجِل لَفْظِها.
|