الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **
{غزر} (س) فيه <من مَنَح مَنِيحَة لَبنٍ بَكِيئةً كانت أو غَزِيرة> أي كَثيرة اللَّبَنِ. وأغْزَرَ القوم: إذا كثُرت ألبَانُ مَواشِيهم. ومنه حديث أبي ذَرٍّ <هل يَثْبتُ لكم العَدُوّ حَلْبَ شاة؟ قالوا: نَعْم وأرْبَعَ شِياهٍ غُزُرٍ> هي جمع غَزِيرة: أي كثيرة اللَّبن. هكذا جاء في رواية. والمشهور بالعين المُهْملة والزَّايَيْن، جمع عَزُوز، وقد تقدم. [ه] وفيه عن بعض التابعين <الجانِبُ المُسْتَعْزِرُ يُثابُ من هِبَتِه> الْمُسْتَغْزِر: الذي يَطْلب أكثَر ممَّا يُعْطِي، وهي المُغازَرَة: أي إذا أهْدَى لك الغَريب شيئاً يطْلُب أكثر منه فأعْطِه في مُقابلة هَدِيَّته. {غزز} * في حديث علي <إنَّ المَلَكَين يَجْلِسان على نَاجِذَيِ الرجُل يَكْتُبان خَيْرَه وشَرَّه، ويَسْتَمِدّانِ مِن غُزَّيْه> الغُزَّان بالضم: الشِّدْقان، وَاحِدُهما: غُزٌّ. وفي حديث الأحْنَف <شَرْبَةٌ من ماء الغُزَيْر> هو بضم الغين وفتح الزاي الأولى: ماء قُرْب اليَمامة. {غزل} (س) في كتابه لقَوم من اليهود <عليكم كذا وكذا ورُبع المِغْزَل> أي رُبع ما غَزَل نِساؤكم، وهو بالكسر الآلة، وبالفتح: مَوْضع الغَزْل، وبالضم: ما يُجعل فيه الغَزْل. وقيل: هذا حُكْم خُصَّ به هؤلاء. {غزا} * فيه <قال يوم فتح مكة: لا تُغْزَى قريشٌ بعدها> أي لا تَكْفُر حتى تُغْزَى على الكُفْر. ونَظيره قوله <ولا يُقْتَل قُرَشيٌّ صَبْراً بعد اليوم> أي لا يَرْتَدّ فيُقْتَلَ صَبْرا على رِدَّته. (س) ومنه الحديث الآخر <لا تُغْزَى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة> يعني مكة: أي لا تَعُودُ دَارَ كُفْر تُغْزَى عليه. ويجوز أن يُرادَ أن الكفَّار لا يَغْزُونها أبداً، فإن المسلمين قد غَزَوْها مَرَّاتٍ. وفيه <ما مِن غَازِيةٍ تُخْفِق وتُصَاب إلَّا تَمَّ أجْرُهُم> الغازِية: تأنيث الغازَي، وهي ها هنا صِفَة لجماعة غازِية. وأخْفَق الغَازي: إذا لم يَغْنَم ولم يَظْفَر. وقد غَزا يَغْزُو عَزْواً فهو غازٍ. والغَزْوَة المرّة من الغَزْو: والاسم الغَزاة. وجمع الغازي: غُزَاة وغُزَّي وغَزِيٌّ وغُزَّاءٌ، كقُضَاة، وسُبَّق، وحَجِيج، وفُسَّاق. وأغْزَيْتُ فُلاناً: إذا جَهَّزْتَه للغَزْوِ. والمَغْزَى والمَغْزاة: موضع الغَزْوِ. وقد يكون الغَزْو نَفْسه. ومنه الحديث <كان إذا اسْتَقْبل مَغْزىً>. والمُغْزِيَةُ: المرأة التي غَزَا زَوْجها وبَقَيت وحْدها في البيت. (ه) ومنه حديث عمر <لا يَزال أحَدُهم كاسِراً وِسَاده عند مُغْزِيَة> . {غسق} (ه) فيه <لو أنَّ دَلْواً من غَسَّاق يُهْرَاق في الدنيا لأنْتَن أهلَ الدُّنيا> الغَسَّاق بالتخفيف والتشديد: ما يَسِيل من صَديد أهل النار وغُسَالَتِهم. وقيل: ما يَسِيل من دُمُوعهم وقيل: هو الزَّمْهرير. (ه) وفي حديث عائشة <قال لها ونَظَر إلى القَمَر: تَعَوَّذِي باللّه من هذا فإنه الغَاسِقُ إذا وَقَبَ> يقال: غَسَق يَغْسِق غُسُوقا فهو غاسق إذا أظْلم، وأغْسَق مِثْله. وإنما سَّماه غاسقا؛ لأنه إذا خَسَف أو أخَذ في المَغِيب أظْلم. ومنه الحديث <فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد ما أغْسَق> أي دَخَل في الغَسَق، وهي ظُلْمة الليل. ومنه حديث أبي بكر <إنَّه أمرَ عامِر بن فُهَيْرة وهُما في الغَارِ أن يُرَوِّح عليهما غَنَمه مُغْسِقا> . (ه) ومنه حديث عمر <لا تُفْطِروا حتى يُغْسِقَ الليل على الظِّراب> أي حتى يَغْشَى الليلُ بظُلْمته الجبالَ الصِّغار. (ه) وحديث الرَّبيع بن خُيَثْم <كان يقول لمُؤذِّنه في يوم غَيْم: أغْسِقْ أغْسِقْ> أي أخِّر المغْرب حتى يُظْلم الليل. {غسل} (س ه) في حديث الجمعة <من غَسَّل واغْتَسل، وبَكَّر وابْتَكر> ذَهَب كثير من الناس أن <غَسَّل> أراد به المجامعة قبْل الخُروج إلى الصلاة، لأن ذلك يَجْمَع غَضَّ الطرْف في الطرَّيق. يقال: غَسَّل الرجُل امْرَأتَه - بالتَّشديد والتَّخِفيف - (في الهروي: <وقال أبو بكر: معنى <غَسّل> بالتشديد: اغتسل بعد الجماع ثم اغتسل للجمعة، فكرر بهذا المعنى> ) إذا جَامَعها. وقد رُوي مُخفّفاً. وقيل: أراد غَسَّل غيره واغْتسَل هو؛ لأنَّه إذا جامَع زوجَتَه أحْوجها إلى الغُسْل. وقيل: أراد بغَسَّل غَسْلَ أعْضائه للوُضوء، ثم يَغْتَسِل للجمعة. وقيل: هُمّا بمعْنىً واحِدٍ وكَرَّره للتأكيد. (ه س) وفيه <أنه قال فيما حَكَى عن ربِّه: وأنْزل عَليك كِتَابا لَا يَغْسِله الْمَاءُ، تقرؤُه نَائماً ويَقْظَانَ> أرادَ أنه لَا يُمْحَى أبداً، بل هو مَحْفوظ فِي صُدُور الذّين أُوتُوا العِلْم، لا يأتيهِ الباطلُ من بين َيَديه ولا مِن خَلْفه. وكانت الكُتُب المُنَزَّلة لا تُجْمَع حِفْظا، وإنَّما يُعْتَمد في حِفْظها على الصُّحف، بخلاف القرآن فإن حُفَّاظَه أضْعافٌ مُضَاعَفَة لصُحُفِه. وقوله <تَقْرَؤه نائما ويَقْظَانَ> أي تَجْمَعُه حِفْظا في حَالَتَيِ النَّوم واليَقَظة. وقيل: أراد تَقْرَؤه في يُسْر وَسُهولة. [ه] وفي حديث الدعاء <واغْسِلْني بماء الثَّلْج والبَرَد> أي طهِّرني من الذنوب. وذِكْر هذه الأشياء مُبالَغةٌ في التطَّهير. (س) وفيه <وَضَعْتُ (في ا: <وصَفْتُ> ) له غُسْلَه من الجنَابة> الغُسْل بالضم: المَاء الذي يُغْتَسل به، كالأُكْل لِمَا يُؤكل، وهو الاسْم أيضا من غَسْلُته، والغَسْل بالفتح: المصْدر، وبالكسر: ما يُغْسل به من خِطْمِيٍّ وغيره. وفيه <مَن غَسَّل المِّيت فلْيَغْتَسِل> قال الخطَّابي: لا أعْلم أحَداً من الفُقهاء يُوجِب الاغْتِسال من غُسْل المّيت ولا الوُضُوءَ من حمله، ويُشْبه أن يكون الأمْرُ على الاستحِباب. قُلت: الغُسْل من غسْل المّيت مَسْنون، وبه يقول الفُقهاء. قال الشافعي: وأحِبُّ الغُسْل مِن غُسْل المِّيت، ولو صَحَّ الحديث قلتُ به. وفي حديث العَين <إذا اسْتُغْسِلْتم فاغْسِلوا> أي إذا طَلَب مَن أصابَتْه العَين أن يَغْتَسِل مَن أصَابَه بِعَيْنه فلْيُجِبْه. كان مِن عادَتِهم أنّ الإنسان إذا أصابَتْه عَينٌ مِنْ أحدٍ إلى العَائِن بقَدَح فيه مَاءٌ فيُدْخِل كفّه فيه، فَيَتَمَضْمَض ثم يَمُجُّه في القَدَح، ثم يَغْسِل وَجْهَه فيه، ثم يُدْخِل يَدَه اليُسْرى فَيَصُبُّ على يَدِه اليُمْنى، ثم يُدْخِل يَدَه اليُمْنى فَيَصُبّ على يَدِه اليُسْرَى، ثم يُدْخِل يَدَه اليُسْرَى فَيَصُبُّ على مِرْفَقه الأيْمَن، ثم يُدْخِل يَدَه اليُمْنَى فيَصُبّ على مِرْفَقه الأيْسَر، ثم يُدْخِل يَدَه اليُسْرَى فيَصُبّ على قَدَمِه اليُمْنَى، ثم يدخل يده اليمنى فيصُبّ على قَدَمِه اليُسْرَى، ثم يُدخِل يَده اليُسْرَى فيَصُبّ على رُكْبَتِه اليُمْنَى، ثم يُدخِل يَده اليُمْنَى فيَصُب على رُكْبَتِه اليُسْرَى، ثم يَغْسِل داخِلة إزارِه، ولا يُوضَع القَدَح بالأرْض، ثم يُصَبُّ ذلك الْمَاءُ المُسْتَعْمَل على رأس المُصاب بالعَيْن من خَلْفِه صَبَّةً واحِدَة فيبْرأ بإذن اللّه تعالى. وفي حديث علي وفاطمة <شَرابهُ الحَمِيمُ والغِسْلِين> هو مَا انْغَسل من لحُوم أهْل النار وصَديدهم، والْيَاء والنُّون زائدتان. {غشش} (ه) فيه <مَن غَشَّنا فليس مِنَّا> الغِشُّ: ضدُّ النُّصْح، مِن الغَشَش، وهو المَشْرب الكَدِر. وقوله: <ليس مِنَّا> أي ليس من أخْلاقِنا وَلا على سُنتِنا. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث أم زَرْع <ولا تَمْلأُ بَيْتَنا تَغْشِيشا> هكذا جاء في رِواية، وهو من الغِشّ. وقيل: هو النَّمِيمة. والرواية بالعين المهملة. وقد تقدّم. {غشمر} (ه) في حديث جَبْر بن حبيب <قال: قاتَله اللّه لَقَد تَغَشْمَرها> أي أخَذَها بِجَفَاء وعُنْف. {غشا} * في حديث المَسْعَى <فإنَّ الناس غَشُوه> أي ازْدَحَموا عليه وكَثُروا. يقال: غَشِيه يَغْشَاه غِشْياناً إذا جاءه، وغَشَّاه تَغْشِية إذا غَطَّاه، وغَشِى الشيء إذا لابَسه. وغَشِى المرأة إذا جامَعها. وغُشِي عليه فهو مَغْشِيٌّ عليه إذا أُغْمِي عليه. واسْتَغْشَى بثَوْبه وتَغَشَّى: أي تَغَطَّى. والجميع قد جاء في الحديث على اخْتلاف ألفاظه. فمنها قولهم <وهو مُتَغَشٍّ بثوبه>. وقوله <وتُغَشِّى أنامِلَه> أي تَسْتُرها. ومنها قوله <غَشِيَتْهُم الرَّحمة، وغَشِيَها ألْوانٌ> أي تَعْلُوها. ومنها قوله <فلا يَغْشَنَا في مساجِدنا>. وقوله <فإن غَشِيَنا من ذلك شيء> هو من القَصْد إلى الشيء والمُباشَرَة. ومنها قوله <ما لم يَغْشَ الكبائر> . (س) ومنه حديث سعد <فلما دخل عليه وجَدَه في غاشَية> الغاشِية: الدَّاهية من خَير أو شَرّ أو مَكْروه. ومنه قيل للقيامة <الغاشِية> وأراد في غَشْيَة من غَشَيات الموت. ويجوز أن يُريد بالغاشية القَوْمَ الحُضُور عنده الذين يَغْشَوْنه للخِدْمة والزِّيارة: أي جماعة غاشِية، أو ما يَتَغَشَّاه من كَرْب الوجع الذي به: أي يُغَطِّيه فَظُنَّ أنْ قدْ مات. {غصب} * قد تكرر في الحديث ذكر <الغَصْب> وهو أخْذُ مال الغير ظُلْما وعُدْوَانا. يقال: غَصَبَه يَغْصِبه غَصْبا، فهو غاصِب ومَغْصُوب. ومنه الحديث <أنه غَصَبها نَفْسَها> أراد أنَّه وَاقَعَها كُرْهاً، فاسْتعاره للجِماع. {غصص} * في قوله تعالى <لَبَناً خالصِاً سائغِاً لِلشَّارِبين> قيل: إنَّه مِن بين المَشْرُوبات لا يَغَصُّ به شَارِبه. يقال: غَصَصْتُ بالماء أغَصُّ غَصَصاً فأنا غاصٌّ وغَصَّان إذا شَرِقْتَ به، أو وَقَف في حَلْقِك فلم تَكَدْ تُسِيغُه. {غصنْ} * قد تكرر في الحديث ذكْر <الغُصْن والأغْصَان> وهي أطْراف الشَّجر ما دَامَت فيها ثابتة، وتُجْمع على غُصًون أيضا. {غضب} * قد تكرر ذكر <الغَضَب> في الحديث من اللّه تعالى ومن الناس، فأما غَضَب اللّه فهو إنْكاره على من عَصاه، وسَخَطُه عليه، وإعْراضُه عنه، ومُعاقَبَتُه له. وأما مِن المخْلوقِين منه مَحْمُود ومَذموم، فالمحمود ما كان في جانِب الدِّين والحق، والمذمومُ ما كان في خِلافه. {غضر} * في حديث ابن زِمْل <الدنيا وغَضَارَة عَيْشها> أي طِيبها ولذَّتها. يقال: إنهم في غَضَارة من العَيْش: أي في خِصْب وخَيْر. {غضرف} * في صفته عليه الصلاة والسلام <أعْرِفه بخاتَم النُّبوّة أسْفَل من غُضْرُوف كَتِفه> غُضْرُوف الكَتِف: رأس لَوْحِه. {غضض} (ه) فيه <كان إذا فَرِح غَضَّ طَرْفَه> أي كَسَره وأطْرَق ولم يَفْتَح عيْنَه، وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر والمَرَح. ومنه حديث أم سَلَمة <حُمَادَياتُ النِّساءِ غَضُّ الأطْراف> في قول القُتَيْبيّ (انظر ص 120 من هذا الجزء) . ومنه قصيد كعب: وما سُعادُ غَدَاةَ البَيْن إذْ رَحَلُوا ** إلاَّ أغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ هو فَعِيل بمعنى مفعول: وذلك إنما يكون مِن الحَياءِ والخَفَر. وحديث العُطَاس <كان إذا عَطَسَ غَضَّ صَوْتَه> أي خَفَضَه ولم يرْفَعه بِصَيْحة. وفي حديث ابن عباس <لو غَضَّ الناسُ في الوصِيَّة من الثُلُث> أي لو نَقَصُوا وحَطُّوا. (س) وفيه <مَن سَرَّه أن يَقْرَأ القرآن غَضّاً كما أُنْزل فَليَسْمَعْه من ابن أمّ عَبْد> الغَضُّ: الطَّرِيُّ الذي لم يَتَغَّيْر، أرادَ طَرِيقَه في القراءة وهَيْأتَه فيها. وقيل: أراد بالآيات التي سَمِعها منه من أوّل سورة النِّساء إلى قوله <فكيف إذا جِئْنا مِنْ كل أُمَّةٍ بشهيدٍ وجِئنا بِكَ على هؤلاِء شَهِيدا> . ومنه حديث علي <هل ينتَظِر أهْلُ غَضَاضَة (رويت: <بضاضة> وسبقت) الشَّباب> أي نَضَارتَه وطَراوَته. (س) وفي حديث ابن عبد العزيز <أنَّ رجُلا قال: إنْ تَزّوجْت فُلانَة حتى آكلَ الغَضِيض فهي طالِق> الغَضِيض: الطَّرِيّ، والمُراد به الطَّلْع. وقيل: الثَّمَر أَوّلَ ما يَخْرُج. {غضغض} (ه) فيه <لمَّا مات عبد الرحمن بن عَوْف قال عمرو بن العاص: هَنيئا لك خَرجْت من الدنيا بِبِطْنَتِك لم تَتَغَضْغَض منها بشيء (كذا في الأصل والهروي. وفي ا، واللسان: <لم يتغضغض منها شيءٌ> وكأنهما روايتان، انظر ص 137 من الجزء الأول) > يقال: غَضْغَضْتُه فتَغَضْغض: أي نقَصَتْهُ فنَقَص، يُريد أنه لم يَتَلَبَّس بولاية وعمل يَنْقُص أجْرَه الذي وجب له. وقد تقدّم في الباء.{غضف} * في الحديث <أنه قَدِم خَيْبرَ بأصحابه وهم مُسْغِبون والثمرة مُغْضِفَة> . (ه) ومنه حديث عمر <وذكر أبواب الرّبا قال: ومنها الثمرة تُباع وهي مُغضِفَة> أي قَارَبَت الإْدَراك ولمَّا تُدْرِك. وقيل: هي المُتدَلِّيَة من شجرها مُسْتَرخِيةً، وكل مُسْتَرخٍ أغْضَفُ. أراد أنها تُباع ولم يَبْدُ صلاحها. {غضن} * في حديث سَطيح: وكاشِف الكُرْبِة في الوَجْهِ الغَضِنْ* هو الوجه الذي فيه تكَسُّر وتَجُّعد، من شِدة الهمّ والكَرْب الذي نَزل به. {غطرس} * في حديث عمر <لولا التَّغَطْرُسُ ما غَسْلُت يدِي> التَّغَطْرُس: الكبر. {عطرف} (ه) في حديث سَطيح: أَصّم أمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ اليَمَنْ* الغِطْريف: السَّيِّد (قال الهروي: والغطريف في غير هذا: البازي الذي أخذ من وكره صغيرا) ، وجَمْعُه الغَطارِيف. وقد تكرر في الحديث. {غطط} (س) فيه <أنَّه نام حتى سمع غَطِيطه> الغَطِيط: الصَّوت الذي يَخْرج مع نَفَس النائم، وهو تَرْديدُه حيث لا يَجِد مَساغاً. وقد غَطَّ يَغِط غَطَّا وغَطِيطا. (س) ومنه حديث نُزول الوحي <فإذا هو مُحْمَرُّ الوجه يَغِطُّ> . (س) و [في (من ا واللسان) ] حديث جابر <وإنَّ بُرْمَتَنا لَتَغِطُّ> أي تَغْلِي ويُسْمع غَطِيطُها. ومنه الحديث <واللّه ما يَغِطُّ لنا بَعِير> غَط البَعير: إذا هَدر في الشِّقْشِقَة، فإن لم يكن في الشِّقْشِقَة فهو هَدِير. (س) وفي حديث إبْتِداء الوحي <فأخَذَني جِبْريل فغَطَّنِي> الغَطُّ: العَصْر الشديد والكَبْس، ومنه الغَطُّ في الماء: الغَوْصُ. وقيل: إنما غَطَّه ليَخْتَبِرَه هل يقول من تِلْقَاء نَفْسه شيئاً. (س) ومنه حديث زيد بن الخطاب وعاصم بن عمر <أنهما كانا يَتغاطَّان في الماء وعُمَرُ يَنْظر> أي يتغامَسان فيه، يَعُطُّ كلُّ واحِد منهما صاحِبَه. {غطف} (ه) في حديث أمّ مَعْبَد <وفي أشْفارِه غَطَفٌ> هو أن يَطُول شعرُ الأجْفان ثم يَنْعَطِف، ويُرْوَى بالعين المهملة، وقد تقدّم (ويروى <وَطَفٌ> وسيجيء) . {غطا} (س) فيه <أنه نهى أنْ يُغَطِّي الرجُل فَاهُ في الصلاة> من عادة العرب التَّلْثُّم بالعمائم على الأفواه فَنُهُوا عن ذلك في الصَّلاة، فإن عَرَض له التَّثاؤبُ جازَ له أن يُغَطِّيه بثَوْبه أو يَدِه، لحَدِيثٍ ورَدَ فيه. {غفر} * في أسماء اللّه تعالى <الغَفَّار والغَفُور> وهما من أبنِية المُبالَغة، ومعْناهما السَّاترِ لذُنوبِ عِبَاده وعُيونهم، المُتَجاوِز عَن خَطَاياهُم وذنوبهم. وأصل الغَفْر: التَّغْطِية. يقال: غَفَر اللّه لك غَفْراً وغُفْراناً ومَغْفِرَةً. والمَغْفِرَة: إلْبَاس اللّه تعالى العَفْوَ للمُذْنِبين. وفيه <كان إذا خرج من الخَلاَء قال: غُفْرَانك> الغُفْرَانُ مَصْدر، وهو منصوب بإضمار أطلُب، وفي تَخْصِيصه بذلك قَوْلان: أحَدْهما: التَّوْبة مِن تقَصْيره في شُكْر النّعْمة التي أنعْمَ بها عليه من إطْعامِه وهَضْمِه وتَسْهيل مَخْرجه فلجأ إلى الاسْتِغفار من التَّقْصير. والثَّاني: أنه استغْفَر من تَرْكِه ذِكْرَ اللّه تعالى مدَّة لُبْثِه في الخَلاَء، فإنه كان لا يَترُك ذِكر اللّه بلسانه أو قَلْبه إلاّ عِند قَضاء الحاجة، فكأنه رأى ذلك تقصيرا فتداركه بالاسْتِغفار. وفيه <غِفارُ غَفَر اللّه لها> يَحْتَمِل أن يكون دُعاءً لها بالمغْفِرَة، أو إخْباراً أن اللّه قَد غَفَر لها. ومنه حديث عمرو بن دينار <قلت لِعُرْوة: كَمْ لَبِثَ رسولُ اللّه بمكة؟ قال: عَشْرا، قُلْت: فابنُ عباس يقول بضْعَ عَشْرَة، قال فغَفّره> : أي قال غفَر اللّه له. (ه) وفي حديث عمر، لمَّا حَصّب المسْجد <قال: هو أغْفَرُ للنُّخَامَة> أي أسْتَرُ لها. وفي حديث الحديبْية <والمُغيرة بن شُعبة عليه المِغْفَرُ> هو ما يَلْبَسُه الدَّارِعُ على رأسه من الزَّرَدِ ونَحوه. وقد تكرر في الحديث. [ه] وفيه <أن قادِماً قَدِم عليه من مكة فقال: كيْف ترَكْتَ الحَزْوَرَة؟ فقال: جادها المَطرُ فأغْفَرَتْ بَطْحاؤُها> أي أنّ المطر نزل عليها حتى صار (في الأصل: <صارت> والمثبت من ا، واللسان، والهروي. وعبارته: <حتى صارت عليها> ) كالغَفْرَ من النَّبات. والغَفَرْ: الزِّئبرُ على الثَّوب. وقيل: أراد أن رِمْثَها (الرِّمْث: شَجَرٌ) قد أغْفَرَت: أي أخْرَجَت مغافِيرها. والمَغَافير: شيء يَنْضَحُه شَجَُ العُرْفُط حُلْو كالنَّاطِف، وهذا أشبَه. ألا تَرَى أنه وصَفَ شجرها فقال: <وأبرم سَلَمُها، وأعْذَقَ إذْخِرُها> . (ه) ومنه حديث عائشة وحَفْصَة <قالت له سَوْدة: أكَلْتَ مَغافيرَ> واحِدُها مُغْفُور، بالضَّم، وله رِيحٌ كرِيهة مُنْكَرة. ويُقال أيضا <المَغاثِير> بالثَّاء المُثَلثَّة، وهذا البِنَاء قَليل في العَرَبِيَّة لم يَرِدْ مِنْه إلاّ مُغْفُور، ومُنْخُور للمُنْخُر، ومُغْرُود لِضَرْب من الكَمأة، ومُعْلُوق (لم يذكر الهروي هذا البناء. والمعاليق: ضربٌ من النخل (قاموس - علق) ) واحِد المَعَاليق. وفي حديث علي <إذا رَأْى أحَدُكم لأخِيه غَفِيرةً في أهْلٍ أو مالٍ فلا يكونَنَّ له فِتْنَة> الغَفِيرة: الكَثْرة والزيادَة، من قولهم للجمْع الكثير: الجمّ الغَفِير. وفي حديث أبي ذَرٍّ <قلتُ: يا رسول اللّه كم الرُّسُل؟ قال: ثَلاثمائة وخمسةَ عَشر جَمَّ الغَفير> أي جماعة كثيرة. وقد تقَدَّم في حرف الجيم مبسوطاً مُسْتَقْصىً. {غفق} (ه) في حديث سَلَمة <قال: مَرَّ بي عُمَر وأنا قاعدٌ في السُّوق، فقال: هكذا يا سَلَمةُ عن الطَّريق، وغَفَقَني بالدِّرَّة، فلما كان في العام المُقْبل لَقِيَني فأدخَلني بيتَه فأخرج كِيساً فيه سِتُّمائة دِرْهم فقال: خُذها واعْلم أنها من الغَفْقَة التي غَفَقْتُك عاماً أوَّل (في اللسان: <عامَ أوَّل> ) > الغَفْق: الضرب بالسَّوط والدِّرَّة والعصا. والغَفْقة: المرَّة مِنه. وقد جاء <عَفْقَة> بالعين المهملة. {غفل} [ه] فيه <أن نُقْاَدة الأسْلَميَّ (في الهروي: <نقادة الأسدِيّ> . وقال ابن حجر: <نقادة - بالقاف - الأسدي ويقال الأسلمي> الإصابة 6/253) قال: يا رسول اللّه، إني رجُلٌ مُغِفلٌ فأين أسِمُ؟> اي صاحب إبل أغْفالٍ لا سمات عَلَيْها. ومنه الحديث <وكان أوْسُ بن عبد اللّه [الأسلميّ] (من ا ) مُغْفِلاً> وهو من الغَفْلة، كأنها قد أُهْمِلَت وأُغْفِلَت. ومنه حديث طَهْفة <ولنَا نَعَم هَمَلٌ أغْفَالٌ> أي لا سِمَات عليها. وقيل الأغْفال ها هنا: التي لا ألْبان لها، واحِدُها: غُفْل. وقيل: الغُفْل: الذي لا يُرْجَى خَيْرُهُ ولا شَرُّه. ومنه كتابه لأُكَيْدِر <إنَّ لنا الضَّاحِيَة وكذا وكذا والمَعامِيَ وأغْفالَ الأرض> أي المجهولة التي ليس فيها أثَرٌ تُعْرَفُ به. وفيه <من اتَّبَع الصَّيد غَفَلَ> أي يَشْتَغِل به قَلْبُه. ويَسْتَوْلي عليه حتى يَصِير فيه غَفْلَة. وفي حديث أبي موسى <لعَلَّنا أغْفَلْنا رسولَ اللّه يَمينَه> أي جَعَلْناه غافلا عن يَمينه بسبب سُؤالِنا. وقيل: سألناه في وقت شُغْله، ولم نَنْتَظِر فَراغه. يقال: تَغَّفلْته وَاسْتَغفلْته: أي تَحَّينْتُ غَفْلَته. [ه] وفي حديث أبي بكر <رأى رجلا يَتَوضَّأ فقال: عليك بالمَغْفَلَة والمَنْشَلَة> المَغْفَلة: العَنْفَقَة، يُريد الاحْتِياط في غَسْلها في الوُضوء، سُمِّيت مَغْفَلة لأن كثيرا من الناس يَغْفُلُ عنها. {غفا} (ه) فيه <فَغَفوْت غَفْوةً> أي نِمْت نَوَمَةً خَفيفة. يقال: أغْفَى إغْفَاءً وإغْفاءَةً إذا نام، وقَلَّما يقال غَفَا. قال الأزهري: اللُّغة الجيدة: أغْفَيْت. {غفق} (ه) في حديث سَلْمان <إنَّ الشمسَ لتَقْرُبُ من رُؤوس الخَلْق يومَ القيامة حتى إن بُطُونَهم تقول: غِقْ غِقْ> وفي رواية <حتى إنَّ بطونهم تَغِق> أي تَغْلِي. وغِقْ غِقْ: حكاية صَوْت الغَلَيان. وتقول: سَمِعْت غَقَّ الماء وغَقِيقَه إذا جَرى فخرج من ضِيق (في الأصل: <مضيق> . والمثبت من ا، واللسان، والقاموس) إلى سَعَة، أو من سَعَة إلى ضِيق (في الأصل: <مضيق> . والمثبت من ا، واللسان، والقاموس). {غلب} (س) فيه <أهل الجَنَّة الضُّعَفاء المُغَلَّبون> المُغَلَّب: الذي يُغْلَب كثيرا. وشاعر مُغَلَّب: أي كثيرا ما يُغْلَب. والمُغَلَّب أيضا: الذي يُحْكم له بالغَلَبة، والمراد الأوّل. وفي حديث ابن مسعود <ما اجْتَمع حَلال وحرام إلاَّ غَلبَ الحرامُ الحلالَ> أي إذا امْتَزج الحرامُ بالحلال وتَعَّذر تَمييزُهُما كالماء والخمْر ونحو ذلك صار الجميع حراما. ولَيْسَ لِعَيِشَنا هَذَا مَهَاهٌ ** ولَيْسَتْ دَارُنَا الدُّنْيَا بِدَارِ وقيل: المَهاهُ: النَّضَارَةُ والحُسْنُ، أراد على الأوَّل أن كُلَّ شيء يَهُون ويُطْرَحُ إلاَّ ذكْرَ النِّسَاء. أي أن الرَّجُلَ يَحْتَمل كلَّ شَيءٍ إلَّا ذكْرَ حُرَمِه. وعلى الثاني يكون الأمر بِعَكْسِهِ، أي أنّ كُلَّ ذِكْرٍ وحَديثٍ، حَسَنٌ إلَّا ذِكْرَ النِّساءِ، وهذه الهاء لا تَنْقَلِبُ في الوصلِ تَاءً وفي حديث طلاق ابن عمر <قُلْتُ: فَمَهْ؟ أرأيت إنْ عَجَز واسْتَحْمَقَ> أي فماذا، للاستفهام، فأبْدَلَ الأَلَف هاءً، للوقف والسَّكْت. (س) وفي حديث آخر <ثُمَّ مَهْ؟>. ومنه الحديث <فقالَتِ الرَّحِمُ: مه؟ هذا مَقامُ العائِذِ بكَ>. وقيل: هو زَجْرٌ مصْرُوفٌ إلى المُستَعَاذ منه، وهو القاطِعُ، لاَ إلى المُسْتَعاذِ به، تبارك وتعالى. وقد تكرر في الحديث ذِكْرُ <مَهْ> وهو اسمٌ مَبْنِيٌّ على السُّكُونِ، بمْعنى اسْكُتْ. {مها} (ه) في حديث ابن عباس <أنه قال لعُتْبَة بْنِ أبي سُفْيَان - وقد أثْنَى عليه فأحْسَن -: أمْهَيْتَ يا أبا الوليد> أمْهَيتَ: أي بَالَغْتَ في الثَّناء واسْتَقْصَيْتَ، مِنْ أَمْهَى حافِرُ البِئْر، إذا اسْتَقْصَى في الحَفْرِ وبلغَ الماء. (ه) وفي حديث ابن عبد العزيز <أن رَجُلاً سألَ ربَّه أن يُرِيَه موقِعَ الشَّيْطَان من قلْب ابْنِ آدمَ فرأى فيما يرَى النَّائمُ جَسد رَجُلٍ مُمَهّىً، يُرَى داخِلْه من خارِجه> المَهَا: البِلَّوْرُ، وكلُّ شَيْءٍ صُفِّي فهو مُمَهّىً، تَشْبِيهاً به. ويقال للكَوْكَبِ: مَهاً، ولِلثَّغْرِ إذا ابْيَضَّ وكَثُرَ ماؤُهُ: مَهاً. {مهيع} (س) فيه <وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى مَهْيَعَةَ> مَهْيَعَةُ: اسمُ الجُحفَة، وهي مِيقَاتُ أهل الشَّامِ، وبها غَديرُ خُمٍّ، وهي شَدِيدَةُ الوَخَم. قال الأصمَعِيُّ: لم يُولَد بغَدِير خُمٍّ أحدٌ فعَاش إلى أن يحْتَلِم، إلَّا أن يتَحوَّلَ منها. وفي حديث علي <اتقَّوا البِدَعَ والْزَمُوا المَهْيَعَ> هو الطَّرِيقُ الواسِعُ المُنْبَسِطُ. والميم زائدةٌ، وهو مَفْعَلٌ من التَّهَيُّعِ: الانِبِساطِ. {غلط} (ه) فيه <أنه نَهى عن الغُلُوطات في المَسائل> وفي رواية <الأُغْلُوطات> قال الهروي: الغُلُوطات (عبارة الهروي: <الأصل فيه الأُغلوطات، ثم تركت الهمزة> ) تُركتْ منها الهمزة، كما تقول: جاء الأحْمَر وَجاء الحَمْرُ بِطَرْح الهمزة، وقد غَلِط من قال: إنها جَمْع غَلُوطَة. وقال الخطَّابي: يقال: مَسْئلةٌ غَلُوط: إذا كان يُغْلَط فيها، كما يقال: شَاة حَلُوب، وفَرَس رَكُوب، فإذا جَعَلْتها اسْماً زِدْت فيها الهاء فقُلْت: غَلُوطَة، كما يقال: حَلُوبة ورَكُوبَة. وأراد المَسائلَ التي يُغالَط بها العُلَماء ليَزِلُّوا فيها فيهِيجُ بذلك شَرٌّ وَفِتْنة. وإنما نَهى عنها لأنها غيْر نافعة في الدِّين، ولا تَكاد تكون إلَّا فيما لا يَقع. ومِثْله قول ابن مسعود: <أنْذَرْتُكم صِعَابَ المَنْطِق> يُريد المَسائل الدقيقة الغامِضة. فأما الأُغْلُوطات فهي جَمْعُ أُغْلُوطَة، أُفْعُولة، من الغَلَط، كالأُحْدُوثة والاعْجُوبة. {غلظ} (ه) في حديث قَتْل الخَطأ <ففيها الدّية مُغَلَّظة> تَغْلِيظ الدِّية: أن تكونن ثلاثين حِقَّة، وثلاثين جَذَعة، وأربعين، ما بَين ثَنِيّةً إلى بَازِل عَامِها كلُّها خَلِفةٌ: أي حامِل. {غلغل} * في حديث المُخَنَّثِ هيت <قال: إذا قَامت تَثَنَّت، وإذا تكَلَّمت تَغَنَّت، فقال له: قد تَغَلْغَلْتَ يا عَدُوَّ اللّه> الغَلْغَلَة: إدْخال الشيء في الشيء حتى يَلْتَبسَ به ويَصِير من جُمْلته: أي بَلَغْتَ بِنَظِرك من مَحاسِن هَذه المرْأة حيثُ لا يَبْلُغ ناظِر، ولا يَصِل واصِل، ولا يَصِف وَاصِف. وفي حديث ابن ذي يَزَن: مُغَلْغَلَةٌ مَغَالِقُها تَغالي ** إلَى صَنْعَاء مِنْ فَجّ عَمِيقِ. المُغَلْغَلَة بفَتْح الغَيْنَيْن: الرّسالة المحْمُولة من بلَد إلى بلَد. وبكَسْر الغَيْن الثانية: المُسْرِعة، من الغَلْغَلَة سُرْعِة السَّير. {غلف} * في صفته عليه الصلاة والسلام <يَفْتَح قلوبا غُلْفاً> أي مُغَشَّاةً مُغَطَّاة، واحِدها: أغْلَفُ. ومنه غِلاف السَّيف وغَيْره. ومنه حديث حُذَيفة والخُدْرِيّ <القُلوب أربعة: فَقَلْبٌ أغْلَفُ> أي عَلَيه غِشَاءٌ عن سَماع الحَقّ وقَبوله. وفي حديث عائشة <كنْت أُغَلّف لِحْيَة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالْغَالِيَة> أي ألطَخُها بِه وأُكْثِر. يُقال: غَلَف بها لِحْيَتَه غَلْفاً، وغَلَّفَها تَغْلِيفا. والغَالِية: ضَرْبٌ مُرَكَّب من الطِّيب. {غلق} (ه) فيه <لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ بما فيه> يقال: غَلِقَ الرَّهْنُ يَغْلَق غُلوقا. إذا بَقِيَ في يَدِ المرْتَهِن لا يَقْدرُ رَاهِنُه على تَخْليصِه. والمعنى أنه لا يَسْتَحقّه المرْتَهِن إذا لم يَسْتَفكّه صاحبُه. وكان هذا من فِعْل الجاهلية، أنّ الرَّاهن إذا لم يؤدِّ مَا عليه في الوَقت المُعَيَّن ملَكَ المرْتَهِن الرَّهْن، فأبْطَله الإسلام. قال الأزهري: يقال غَلِقَ البابُ، وانْغلق واسْتَغْلَق، إذا عَسُر فَتْحُه. والغَلَق في الرهن: ضِدّ الفَكّ، فإذا فَكّ الراهنُ الرهْنَ فقد أطْلَقه من وَثَاقِه عند مُرْتَهِنه. وقد أغْلَقْتُ الرَّهن فَغَلِق: أي أوْجَبْتُه فوَجَب للمرْتَهِن. [ه] ومنه قول حُذَيفة بن بدر لقَيس بن زُهَيْر <حين جاءه فقال: مَا غدا بِك؟ قال: جئتُ لأوَاضِعَك الرِّهَان، قال: بل غَدَوْت لِتُغْلِقَه> أي جئتُ لتَضَعَ الرَّهْن وتُبْطِله. فقال: بل جئتَ لتُوجبَه وتُؤكَّده. [ه]ومنه الحديث <ورجُلٌ ارْتَبط فَرَساً لِيُغَالِقَ عليها> أي ليُراهِنَ. والمغَالِق: سِهام المَيْسِر، واحدُاها: مِغْلَق بالكسر، كأنه كَرِه الرِّهان في الخيل إذا كان على رَسْم الجاهليَّة. (ه) ومنه الحديث <لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إغْلاق> أي في إكْراه، لأنَّ المُكْرَه مُغْلَق عليه أمْره ومُضَيَّق عليه في تصَرُّفه، كما يُغْلَق البابُ على الإنسان (قال الهروي: <وقيل معناه: لا تُغْلَق التطليقات في دفعة واحدة حتى لا يبقى منها شيء، ولكن يطِّلق طلاق السُنَّة> ). وفي حديث قتْل أبي رافِع <ثم عَلَّق الأغَالِيق على وَدٍّ (الوَدُّ: الوَتِد) > هي المفاتِيح، واحِدُها: إغْلِيق. (ه) وفي حديث جابر <شفاعةُ النبي صلى اللّه عليه وسلم لِمَن أوْثَق (في الهروي <ويجوز: لمن أوبق نفسه: أي أهلكها> ) نَفْسَه، وأغْلَق ظَهْره> غَلِقَ ظَهْر البعير إذا دَبِرَ، وأغْلَقه صاحِبُه إذا أثْقَل حمْلَه حتى يَدْبَر، شَبَّه الذُّنوب التي أثْقَلَت ظَهْر الإنسان بذلك. [ه] وفي كتاب عمر إلى أبي موسى <إيَّاك والغَلَقَ والضَّجَر> الغَلَق بالتَّحريك: ضِيقُ الصَّدر وقلَّة الصَّبر. ورَجُلٌ غَلِق: سَيّء الخُلُق. {غلل} * قد تكرر ذكر <الغُلُول> في الحديث، وهو الخيانة في المغْنَم والسَّرقَة من الغَنِيمة قبل القِسْمة. يقال: غَلَّ في المَغْنم يَغُلُّ غُلولاً فهو غَالٌّ. وكلُّ مَن خان في شيء خِفُيْةَ فقد غَلَّ. وسُمِّيت غُلولاً لأن الأيْدِي فيها مَغلولة: أي مَمْنوعة مَجْعُول فيها غُلٌّ، وهو الحَدِيدة التي تَجْمَع يَد الأسير إلى عُنُقه. ويقال لها جامِعَة أيضا. وأحاديث الغُلول في الغنيمة كثيرة. (ه) ومنه حديث صلح الحُديْبِيَة <لا إغْلالَ ولا إسْلال> الإغْلال: الخِيانة أو السَّرِقة الخَفِيَّة، والإسْلال: مِن سَلَّ البَعيرَ، وغيرَه في جَوْف الليل إذا انْتَزعته مِن بين الإبل، وهي السَّلَّة. وقيل: هو الغَارة الظَّاهرة، يقال: غَلَّ يَغُلُّ وسَلَّ يَسُلّ، فأمَّا أغَلَّ وأسَلَّ فمعناه صار ذَا غُلولٍ وسَلَّة. ويكون أيضا أن يُعين غيره عليهما. وقيل الإغْلال: لُبْس الدُّرُوع. والإسْلال: سَلُّ السُّيوف. [ه] ومنه الحديث <ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنّ قلبُ مُؤمن> هو من الإغْلال: الخيانةِ في كل شيء. ويُروى <يَغِلُّ> بفتح الياء، من الغِلّ وهو الحِقْد والشَّحْناء: أي لا يَدْخُله حقْد يُزِيلُه عن الحقِّ. ورُوي <يَغِلُ> بالتَّخفيف، من الوُغول: الدُّخول في الشَّرّ. والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تُسْتَصْلَح بها القلوبُ، فمن تَمسَّك بها طَهُر قَلْبُه من الخِيانة والدَّغَل والشَّر. و<عليهنّ> في موضع الحال، تقديره لا يَغِلّ كائنا عليهن قَلْبُ مؤمن. (س) وفي حديث أبي ذر <غَلَلْتُم واللّه> أي خُنْتم في القَول والعمل ولم تَصْدُقوا. (س) وحديث شُريح <ليس على المُسْتَعير غيرِ المُغِلّ ضمانٌ، ولا على المُسْتَوْدَع غير المُغِلّ ضمَان> أي إذا لم يَخُن في العارِية والوديعة فلا ضَمانَ عليه، من الإغلال: الخِيانة. وقيل: المُغِلّ ها هنا المُسْتَغِلّ، وأراد به القابِض؛ لأنه بالقَبْض يكون مُسْتَغِلاً. والأوّل الوجْه. وفي حديث الإمارة <فَكَّه عَدْلُه أو غَلَّه جَوْرُه> أي جعل في يدِه وعُنُقه الغُلَّ، وهو القَيْد المُخْتَصُّ بهما. (ه) ومنه حديث عمرو وذَكر النِّساء فقال <مِنهنّ غُلٌّ قَمِلٌ> كانوا يأخذون الأسير فيَشُدُّونه بالِقِّد وعليه الشَّعر، فإذا يبس قَمِلَ في عُنُقِه، فَتَجْتَمِع عليه مِحْنَتان: الغُلّ والقَمْل. ضربه مَثَلا للمرأة السَّيئة الخلُق الكثيرة المهْر، لا يَجد بَعْلُها منها مَخْلَصا. (س) وفيه <الغَلة بالضمان> هو كحديثه الآخر <الخراجُ بالضَّمان> وقد تقدّم في الخاء. والغَلَّة: الدَّخْل الذي يَحْصُل من الزَّرْع والثَّمر، واللبن والإجارة والنِّتاج ونحو ذلك. (س) وفي حديث عائشة <كُنْتُ أغَلِّلُ لِحَية رسول اللّه بالغَالِية> أي ألطَخُها وألبِسُها بها. قال الفَرّاء: يقال تَغَّللُت بالغالية، ولا يقال تَغَلَّيْت. وأجازه الجوهريّ. {غلم} * في حديث تميم والجَسَّاسة <فَصادَفْنَا البَحْر حين اغْتَلم> أي هاج واضْطَرَبت أمواجُه والاغْتِلام: مُجاوَزَة الحدِّ. (ه) ومنه حديث عمر <إذا اغْتَلَمَتْ عليكم هذه الأشْرِبةُ فاكْسِرُوها بالماء> أي إذا جاوزَت حَدّها الذي لا يُسْكِر إلى حدِّها الذي يُسكِر. (ه) وحديث علي <تَجَهَّزوا لقتال المَارِقين المُغْتَلِمين> أي الذين جاوَزُوا حَدَّ ما أمِرُوا به من الدين وطاعَةِ الإِمام، وبَغَوْا عليه وطَغَوْا. (س) ومنه الحديث <خَيْر النّساء الغَلِمَةُ على زَوْجها العَفِيفةُ بفَرجِها> الغُلْمة: هَيَجان شَهْوة النِّكاح من المرأة والرجُل وغَيرهما. يقال: غَلِم غُلْمة، واغْتَلم اغْتِلاَماً. (س) وفي حديث ابن عباس <بَعَثَنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أُغَيْلِمَةَ بني عبد المطَّلب من جَمْعٍ بِلَيْل> أغَيْلَمة: تَصْغير أغْلِمَة، جَمْع غُلام في القياس، ولم يَرِدْ في جَمْعه أغْلِمة، وإِنما قالوا: غِلْمة، ومِثْله أُصَيْبِيَة تَصْغير صِبْيَة، ويُرِيد بالأُغَيْلِمَة الصِّبيان، ولذلك صَغَّرُهم. {غلا} (س) فيه <إيَّاكم والغُلُو في الدِّين> أي التشدّد فيه ومُجَاوَزَة الحَدِّ، كحَدِيثه الآخر <إن هذا الدّين مَتِين فأوْغلْ فيه برِفْق>. وقيل: معناه البَحْث عن بَواطِن الأشياء والكشف عن عِلَلِها وغَوامِض مُتَعَبَّداتها. ومنه الحديث <وحامِل القُرآن غَيْر الغَالي فيه ولا الْجافي عنه> إنما قال ذلك لأن مِنْ أخْلاقِه وآدابه التي أُمِر بها القَصْدَ في الأمور، وخَيْر الأمور أوْساطُها، و: كِلاَ طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمورِ ذَمِيمُ* (س) ومنه حديث عمر <لا تُغَالُوا صُدُقَ النِّساء> وفي رواية <لا تَغْلُوا في صَدُقات النِّساء> أي لا تُبَالغوا في كثْرة الصَّداق. وأصل الغَلاء: الارْتِفاع ومُجاوَزة القَدْرِ في كل شيء. يقال: غالَيْت الشَّيء وبالشَّيء، وغَلَوْت فيه أغْلُو إذا جاوَزْتَ فيه الحَدّ. (س) وفي حديث عائشة <كُنْتُ أغَلِّف لِحْية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالْغَالِية> الغَالِية: نَوع من الطِّيب مُرَكَّب من مِسْك وعَنْبَر وعُود وَدُهْن، وهي مَعْروفة. والتَّغَلُّف بها: التَّلَطُّخ.(س) وفيه <أنه أهْدي له يَكْسُوُم سِلاَحاً وفيه سَهْم فَسَّماه قِتْر الْغِلاَء> الغِلاَء بالكسر والمدِّ: من غالَيْتُه أُغالِيه مُغَالاةً وغِلاَءً. إذا رامَيْتَه بالسهام. والقِتْر: سَهْم الهدَف، وهي أيضا أمَدُ جَرْى الفَرَس وشَوْطُه. والأصل الأوّل. ومنه حديث ابن عمر <بيْنه وبيْن الطَّريق غَلْوة> الغَلْوة: قَدْرُ رَمْيَة بسهم. وفي حديث علي <شُمُوخ أنْفه وسُمُوّ غُلَوائه> غُلَواء الشَّباب: أوّلُه وشِرَّتُه. {غمد} (ه) فيه <إلَّا أن يَتَغَمَّدَني اللّه برحْمته> أي يُلْبِسَينها ويَسْتُرَني بها. مأخوذ من غِمْد السَّيف، وهو غِلاَفه. يقال: غَمَدت السَّيفَ وأغْمَدْتُه. وقد تكرر في الحديث. وفيه ذكر <غُمْدَان> بضم الغَين وسكون الميم: البِنَاء العظيم بناحية صَنْعاء اليمن. وقيل: هو من بِناء سليمان عليه السلام، له ذِكر في حديث سَيْف بن ذي يَزَن. {غمر} (س) فيه <مَثَل الصلواتِ الخمْس كَمَثل نَهْرٍ غَمْرٍ> الغَمْر بفتح الغَين وسكون الميم: الكَثير، أي يَغْمُر من دَخَله ويُغَطِّيه. (س) ومنه الحديث <أعوذ بك من مَوْت الغَمْر> أي الغَرَق. [ه] ومنه حديث عمر <أنه جَعل على كُلِّ جَرِيبٍ عامِرٍ أو غامِرٍ دِرْهما وقَفِيزاً> الغَامِر: ما لم يُزْرَع مما يَحْتَمل الزّرَاعة من الأرض، سُمِّي غامِرا، لأنَّ الماء يَغْمُرُه، فهو العامِرُ فاعل بمعنى مفعول. قال القُتَيْبي: ما لا يَبْلُغه الماءُ من مَوات الأرض لا يقال له غَامِر، وإنما فَعَل عُمُر ذلك لئلا يُقَصِّر الناسُ في الزِّرَاعة. وفي حديث القيامة <فيَقْذِفُهم في غَمَرات جَهنم> أي المَوَاضِع التي تكْثُر فيها النار. ومنه حديث أبي طالب <وجَدْتُه في غَمَراتٍ من النار> واحدَتُها: غَمْرة. [ه] ومنه حديث معاوية <ولا خُضْتُ برِجْلٍ غَمْرةً إلَّا قَطْعُتها عَرْضاً> الغَمْرَة: الماء الكثير، فضَربه مَثَلا لِقُوّة رأيه عند الشَّدائد، فإنَّ مَن خاض الماء فقطعه عَرضا ليس كمن ضَعُف واتَّبَع الجِرْيَة حتى يَخْرُج بعيدا من الموضع الذي دَخَل فيه. ومنه حديث صِفَته عليه السلام <إذا جاء مع القوم غَمَرهم> أي كان فَوْق كلّ مَن مَعه. (س) ومنه حديث أُوَيْس <أكون في غِمَار الناس> أي جَمْعهم المُتكاثِف. (س) ومنه حديث حُجَيْر <إني لمَغْمُورٌ فيهم> أي لَسْتُ بِمَشْهور، كأنهم قد غَمَرُوه. (س) ومنه حديث الخنْدق <حتى أغْمَر بَطْنَه> أي وَارَى التُّرابُ جِلْدَه وستَرَه. (ه) و [في] (من ا، واللسان) حديث مَرضِه <أنه اشْتَدَّ به حتى غُمِر عليه> أي أُغْمِيَ عليه، كأنه غُطِّيَ على عَقْله وسُتِر. (س) وفي حديث أبي بكر <أما صاحِبُكم فقد غَامَر> أي خاصم غيره. ومعناه دَخَل في غَمْرة الخصومة، وهي مُعْظَمُها. والمُغَامِر: الذي يَرْمِي بنَفْسه في الأمور المُهْلكة. وقيل هو من الغِمْر، بالكسر وهو الحقْد: أي حاقَد غيره. ومنه حديث غزوة خيبر: شاكي السِّلاح بَطَلٌ مُغَامِرُ* أي مُخاصِم أو مُحاقِد. [ه] ومنه حديث الشهادة <ولا ذِي غِمْر على أخِيه> أي حِقْدٍ وضِغْن. (س) وفيه <مَن بات وفي يَده غَمَرٌ> الغَمَر بالتحريك: الدَّسَم والزُّهُومة من اللحْم، كالوضَرِ من السَّمْن. وفيه <لا تَجْعَلُوني كَغُمَر الراكِب، صَلُّوا عليّ أولَ الدُّعاء وأوسَطَه وآخِرَه> الغُمَر بضم الغين وفتح الميم: القَدَح الصَّغير، أراد أنَّ الرَّاكب يَحْمِل رَحْلَه وأزْواده على راحِلَته، ويَتْرك قَعْبَه إلى آخره تَرْحاله، ثم يُعَلِّقه على رَحْله كالعِلاوَة، فليس عنده بمُهِمّ، فنَهاهُم أن يَجْعلوا الصلاة عليه كالغُمَر الذي لا يُقَدم في المهامّ ويُجْعَل تَبَعاً. ومنه الحديث <أنه كان في سَفَرٍ فشُكي إليه العَطَش، فقال: أطْلِقوا لي غُمَري> أي ائتوني به. وفي حديث ابن عباس <أنَّ اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم: لا يَغَرُّك أن قتَلْتَ نَفَراً من قُريش أغْمَارا> الأغْمار: جمع غُمْر بالضم، وهو الجاهل الغِرُّ الذي لم يُجَرِّب الأمور. (س) وفي حديث عمرو بن حُرَيث <أصابَنا مَطرٌ ظَهرَ منه الغَمِير> الغمير، بفتح الغين وكسر الميم: هو نَبْت البَقْل عن المَطر بعد اليُبْس. وقيل: هو نَبات أخْضَر قد غَمَر ما قبله من اليَبِيس. ومنه حديث قُسّ <وغَميرُ حَوْذان> وقيل: هو المسْتُور بالحَوْذَان لكَثُرة نباته. وفيه ذكر <غَمْر> هو بفتح الغين وسكون الميم: بئر قديمة بمكة حَفَرها بَنُو سَهْم. {غمز} * في حديث الغُسْل <قال لها: اغْمزِي قُرُونَك> أي اكْبِسي ضَفائر شَعْرك عند الغُسْل. والغَمْز: العَصْر والكَبْس باليَد. (س) ومنه حديث عمر <أنه دخل عليه وعنده غُلَيِّمٌ أسْودُ يَغْمِزُ ظَهْرَه> . (س) ومنه حديث عائشة <اللَّدُودُ مكان الغَمْز> هو أنْ تَسْقُط اللَّهاة فَتُغْمَزَ باليد: أي تُكْبَس. وقد تكرر ذِكر <الغَمْز> في الحديث. وبعضهم فَسَّر <الغَمْز> في بعض الأحاديث بالإشادة، كالرَّمْز بالعَين أو الحاجب أو باليَدِ. {غمس} (ه) فيه <اليَمينُ الغَمُوسُ تَذرُ الدِّيارَ بَلاقِعَ> هي اليَمين الكاذِبة الفاجرة كالتي يَقْتَطِع بها الحالفُ مالَ غيره. سُمِّيت غَمُوسا؛ لأنها تَغْمِس صاحِبَها في الإثْمِ، ثم في النار. وفَعُول للمبالَغة. ومنه حديث الهجرة <وقد غَمَس حِلْفاً في آل العَاص> أي أخَذ بِنَصيب من عَقْدِهم وحِلْفِهم يَأمَنُ به، كانت عادَتُهم أن يُحْضِروا في جَفْنةٍ طيباً أو دَماً أو رَمَاداً، فيُدْخلون فيه أيْديَهُم عند التَّحالُف لِيَتِمَّ عَقْدهم عليه باشْتراكِهم في شيء واحدٍ. (ه) ومنه حديث المَوْلود <يكون غَمِيساً أربعين لَيْلة> أي مَغْموسا في الرَّحِم. (ه) ومنه الحديث <فانْغَمس في العَدُوّ فَقَتلوه> أي دَخَلَ فيهم وغاصَ. {غمص} (ه) فيه <إنما ذلك مَنْ سَفِه الحقَّ وغَمِصَ الناسَ> أي احْتَقَرهم ولم يرَهُم شيئاً تقول منه: غَمِصَ الناسَ يَغْمِصَهم غَمْصا. (ه) ومنه حديث علي <لما قَتَل ابنُ آدم أخاه غَمِص اللّهُ الخَلق> أراد أنه نَقَصَهم من الطُّول والعَرْض والقُوّة والبَطْش، فصَغَّرهُم وحَقَّرهُم. (ه) ومنه حديث عمر <قال لقَبيصَة: أتَقْتُل الصَّيد وتَغْمَصُ الفُتْيا؟> أي تَحْتَقِرها وتَسْتَهِين بها. ومنه حديث الإفك <إنْ رأيْتُ منها أمْراً أغْمِصُه عليها> أي أعِيُبها به وأطْعَنُ به عليها. (س) ومنه حديث تَوبة كعب <إلا مَغْمُوصٌ عليه النِّفاق> أي مَطْعون في دِينه مُتَّهم بالنِّفاق. (س) وفي حديث ابن عباس <كان الصِّبْيان يُصْبِحون غُمْصاً رُمْصاً ويُصْبِح رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم صَقِيلاً دَهِيناً> يعني في صِغَره. يقال: غَمِصَت عَيْنُه مثل رَمِصتْ وقيل: الغَمَص: اليابِس منه، والرَّمَصُ الجاري. ومنه الحديث في ذكر <الغُمَيْصاء> وهي الشِّعْرَى الشَّامِيَّة، أو أكبر كوْكَبِي الذِّرَاع المقْبُوضَة، تقول العَرَب في خُرَافاتِها: إنَّ سُهَيْلا والشِّعْرَيَيْن كانت مُجْتَمِعة، فانحدَر سُهَيْل فصار يَمانيَّا، وتبِعَتْه الشِّعْرَى اليَمانيَّة فعَبَرت المَجرَّة فسُمّيتْ عَبُوراً، وأقامت الغُمَيْصاء مكانَها فبَكَت لفَقْدهما. حتى غَمِصت عَيْنها، وهي تصغير الغَمْصَاء، وبه سُمِّيَت أمّ سُليم الغُمَيْصاء. وقد تكرر في الحديث. {غمض} * فيه <فكان غامضا في الناس> أي مَغْمورا غيْر مشهور. (س) وفي حديث معاذ <إياكُم ومُغْمِضَات الأمور> وفي رواية <المُغْمِضات من الذنوب> هي الأمور العظيمة التي يَرْكَبها الرجُل وهو يَعْرفها، فكأنه يُغْمض عَيْنَيه عنها تَعَاشِيا (في الأصل: <تغاشيا> بالغين والشين المعجمتين. وفي اللسان وشرح القاموس: <تعاميا>. وأثبتناه بالعين المهملة من ا. قال صاحب القاموس: تعاشي: تجاهل) وهو يُبْصِرها، ورُبَّما رُوي بفتح الميم، وهي الذنوب الصِّغار، سُمِّيت مُغْمَضات لأنها تَدِقّ وتَخْفى فيرْكَبُها الإنسان بِضَرْب من الشُّبْهة، ولا يَعْلم أنه مؤاخَذٌ بارتكابها. وفي حديث البَراء <إلا أن تُغْمِضُوا فيه> وفي رواية <لم يأخذه إلَّا على إغْماض> الإغْماض: المُسامَحة والمُساهلَة. يقال: أغْمَض في البَيع يُغْمِض إذا اسْتَزاده من المَبيع واسْتَحَطَّه من الثَمن فَوافَقه عليه. {غمط} (ه) فيه <الكِبْر أن تَسْفَهَ الحقَّ وتَغْمِطَ الناس> الغَمْط: الاسْتِهانة والاسْتحْقار، وهو مثْل الغَمْض. يقال: غَمِطَ يَغْمَط، وغَمَط يَغْمِط. ومنه الحديث <إنما ذلك مَن سَفِهَ الحَقَّ وغَمِط الناس> أي إنَّما البَغْيُ فِعْلُ مَن سَفِهَ وغَمِط. وفيه <أصابته حُمَّى مُغْمِطة> أي لازِمَة دائمة، والميم فيه بَدَل من الباءِ. يقال: أغْبَطَت عليه الحُمِّى إذا دامت. وقد تقدّم. وقيل: هو من الغَمْطِ، كُفْرِان النِّعْمة وسَتْرها؛ لأنَّها إذَا غَشِيَتْه فكأنها سَتَرت عليه. {غمغم} (ه) في صفة قريش <ليس فيهم غَمْغَمُة قُضاعة> الغَمْغَمة والتَّغَمْغُم: كلامٌ غير بَيِّن. قال رجُل من العرب لِمُعاوية، قال له: مَنْ هُم؟ قال: قومُك قريش. {غمق} (ه) كتب عُمر إلى أبي عُبيدة بالشام <إنّ الأُرْدُنَّ أرضٌ غَمِقَة> أي قريبة من المِياه والنّزُور والخُضَر. والغَمَق: فساد الرِّيح، وخُمُومُها (في ا <وغموقها> ويقال: خَمَّ الشيءُ وأخَمَّ: إذا تغيرت رائحته، انظر الجزء الثاني ص 81) من كَثْرة الأنْداء فيَحْصُل منها الوَباء. {غمل} (ه) فيه <إنّ بَنِي قُرَيْظَة نَزلوا أرْضاً غَمِلَة وَبِلَة> الغَمِلة: الكثيرة النَّبات التي وَارَى النَّباتُ وجْهَها، وغَملْتُ الأمْر إذا سَتَرتَه ووارَيْتَه. {غمم} (ه) في حديث الصَّوم <فإن غُمَّ عليكم فأكْمِلوا العِدّة> يقال: غُمَّ علينا الهلالُ إذا حالَ دُون رُؤيته غَيْم أو نَحْوُه، من غَمَمْتُ الشيءَ إذا غطَّيْتَه. وفي <غُمَّ> ضمير الهلال. ويجوز أن يكون <غُمَّ> مُسْنداً إلى الظَّرف: أي فإنْ كُنتم مَغْمُوما عليكم فأكْملوا، وتَرَكَ ذِكْر الهلال للاسْتِغْناء عنه. وقد تكر في الحديث. (ه) ومنه حديث وائل بن حُجْر <ولا غُمَّةّ في فرائض اللّه> أي لا تُسْتر وتُخْفَى فرائضُه، وإنما تُظْهَر وتُعْلَن ويُجْهَر بها. ومنه حديث عائشة <لمَّا نُزِل برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طَفِق يَطْرِح خَمِيصةً على وجْهه فإذا اغْتمّ كشَفَها> أي إذا احْتَبس نَفَسه عن الخُروج، وهو افْتَعَل، من الغَمّ: التَّغْطِية والسَّتْر. (س) وفي حديث المِعْراج في رِوَاية ابن مسعود <كُنَّا نَسِير في أرض غُمَّة> الغُمَّة: الضَّيِّقة.* وفي حديث عائشة <عَتَبُوا على عثمان مَوضِعَ الغَمامة المُحْماة> الغَمامة: السَّحابة، وجَمْعُها: الغَمام، وأرادت بها العُشْبَ والكَلأ الذي حمَاه فسَمَّتْه بالغَمامة كما يُسَمَّى بالسماء، أرادت أنه حَمَى الكَلأ وهو حَقُّ جميع الناس. {غما} [ه] في حديث الصوم <فإن أُغْمِيَ عليكم فاقْدُرُوا له> وفي رواية <فإن غُمِّيَ عليكم> يقال: أُغْمِيَ علينا الهلال، وغُمِّيَ فهو مُغْميً ومُغَمّيً، إذا حال دُون رُؤيته غَيْم أو قَتَرة، كما يقال: غُمَّ علينا. يقال: صُمْنا لِلْغُمَّي. والغُمَّي بالضم والفتح: أي صُمْنا من غير رُؤية. وأصل التَّغْمِية: السّتْر والتغطْيِة. ومنه: أغْمِيَ على المريض إذا غُشِيَ عليه، كأنّ المَرض سَتر عَقْله وغطّاه. وقد تكرر في الحديث. {غنثر} (ه س) في حديث أبي بكر <قال لابْنِه عبد الرحمن: يا غُنْثَرُ (بهامش ا: قال الكِرْماني شارح البخاري: غنثر، بضم المعجمة، وسكون النون، وفتح المثلثة وضمها، وفي شرح <جامع الأصول> بضم الغين وفتحها> ) > قيل: هو الثَّقيل الوَخِم. وقيل الجاهل، من الغَثارة: الجهْل. والنون زائدة. ورُوِي بالعين المهملة والتاء بنُقْطتين. وقد تقدّم. {غنج} * في حديث البخاري <في تفسير العَرِبة هي: الغَنِجَة> الغَنج في الجارِية: تَكَسُّر وتَدَلُّل. وقد غَنِجَتْ وتَغَنَّجَت. {عنظ} (ه) في حديث ابن عبد العزيز، وذَكر الموتَ فقال: <غَنْظٌ ليس كالغَنْظِ> الغَنْظُ: أشَدّ الكَرْب والجَهْد. وقيل: هو أن يُشْرِف على الموتِ من شِدَّتِه. وقد غَنَظَه يَغْنِظُه إذا مَلأه. {غنم} * قد تكرر فيه ذكر <الغَنِيمة، والغُنْم، والمَغْنَم، والغنائم> وهو ما أصِيب من أموال أهل الحَرْب، وأوْجَف عليه المسْلمون بالخَيْل والرِّكاب. يقال: غَنِمْت أغْنم غَنْما وغَنِيمة، والغنائم جَمْعُها، والمَغانم: جَمْع مَغْنم، والغُنم بالضم الاسم، وبالفتح المصْدر. والغانِم: آخِذ الغنيمة. والجمْعُ: الغانمون. ويقال: فُلان يَتَغَنَّم الأمْر: أي يَحْرِص عليه كما يَحْرِص على الغَنِيمة. ومنه الحديث <الصَّومُ في الشِّتاء الغَنِيمةُ الباردة> إنما سَمَّاه غَنيمةً لما فيه من الأجْر والثواب. ومنه الحديث <الرَّهْنُ لَمنْ رَهَنَه، له غُنْمُه وعليه غُرْمُه> غُنْمُه: زيادَتُه ونماؤه وفاضِل قيمَتِه. وفيه <السَّكينة في أهل الغَنَم> قيل: أراد بهم أهل اليمن، لأن أكثَرهم أهلُ غنم، بخلاف مُضَر ورَبيعة؛ لأنهم أصحاب إبل. (ه) وفي حديث عمر <أعْطُوا من الصَّدقة مَن أبْقَت له السَّنَة غَنَماً، ولا تُعْطُوها مَن أبْقَتْ له غَنَمين> أي أعْطُوا من أبْقَتْ له قِطْعة واحدة لا يُفَّرق مِثْلُها لِقِلَّتِها، فتكون قَطيَعين، ولا تُعْطُوا مَن أبقَتْ له غَنَماً كثيرة يُجْعَل مِثْلُها قَطيعين. وأراد بالسَّنَة الجَدْب. {غنن} (س) في حديث أبي هريرة <أنَّ رَجُلا أتى على وادٍ مُغِنٍّ> يقال: أغَنَّ الوادِي فهو مُغِنٌّ: أي كَثُرَت أصْواتُ ذِبَّانِه، جعل الوَصْف له وهو للذُّباب. وفي قصيد كعب: إلَّا أغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ* الأغَنّ من الغِزْلان وغيرِها: الذي في صَوْتِه غُنَّة. ومنه الحديث <كان في الحُسَين غُنَّةٌ حَسَنة> . {غنا} * في أسماء اللّه تعالى <الغَنِيّ> هو الذي لا يَحْتاج إلى أحَد في شيء، وكُلّ أحَدٍ يَحْتاج إليه، وهذا الغنِي المُطْلَق، ولا يشارِك اللّهَ تعالى فيه غيرُه. ومنه أسمائه <المُغْني> وهو الذي يُغْني مَن يشاء من عبِادِه. (ه) وفيه <خير الصَّدَقة ما أبقَت غنِىً> وفي رواية <ما كان عن ظَهْرِ غنىً> أي ما فَضَل عن قُوت العِيال وكِفايَتِهم، فإذا أعْطَيَتها غيرك أبقَت بَعْدها لك ولَهُم غِنىً، وكانت عن اسْتِغْناء منك ومنهم عنها. وقيل: خَير الصَّدقة ما أغْنَيْتَ به مَن أعْطَيْتَه عن المسألة. وفي حديث الخيل <رجُل رَبَطها تَغَنِّيا وتَعَفُّفا> أي اسْتِغَناءً بها عن الطَّلَب من الناس. (ه س) وفي حديث القرآن <مَن لم يَتَغَنَّ بالقرآن فليس مِنَّا> أي لم يَسْتَغْنِ به عن غيره. يقال: تَغَنَّيْت، وتغانَيْت، واستغنيت. وقيل: أراد من لم يَجْهَر بالقراءة فليس مِنَّا. وقد جاء مُفَسَّرا. (ه س) في حديث آخر <ما أذِنَ اللّه لشيءٍ كإذْنِه لنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ يَجْهُر به> قيل إنَّ قوله <يَجْهَر به> تَفْسير لقوله <يَتَغَنَّى به> . وقال الشافعي: معناه تَحْسِين (في الهروي: <تحزين> ) القراءة وتَرْقِيقُها، ويَشْهد له الحديث الآخر <زَيِّنُوا القرآنَ بأصْواتِكم> وكل من رَفَع صَوْته ووالاَه فصَوْته عند العرب غِنَاء. قال ابن الأعرابي: كانت العرب تَتَغَنَّى بالرُّكْبانِيِّ (هو نشيد بالمدّ والتمطيط. الفائق 1/ 458) إذا رَكِبَت وإذا جَلَستْ في الأفْنِيَة. وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحَبَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم أن تكون هِجِّيراهُم بالقرآن مكان التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ. وأوّل من قَرأ بالألحان عُبَيدُ اللّه بن أبي بَكْرة، فَورِثَه عنه عُبَيْد اللّه بن عُمَر، ولذلك يُقال: قِراءة العُمَرِيّ (كذا بالأصل، وفي ا: <قرأ العُمَرِيّ> . وفي اللسان: <قرأتُ العُمَرِيّ> ) . وأخذ ذلك عنه سَعِيد العَلَّاف الإباضِيّ. (ه) وفي حديث الجمعة <مَن اسْتَغْنى بِلَهْوٍ أَو تجارةٍ استغنى اللّه عنه واللّه غَنِيٌّ حَميد> أي اطَّرَحَه اللّه ورَمَى به من عَيْنه، فِعْل مَن اسْتَغنى عن الشيء فلم يَلْتَفت إليه. وقيل: جَزاه جزاء اسْتِغْنائه عنها، كقوله تعالى: <نَسُوا اللّهَ فنَسِيَهم> . (س) وفي حديث عائشة <وعندي جاريتان تُغَنِّيان بِغِناء بُعاث> أي تُنْشِدان الأشْعار التي قِيلت يوم بُعَاث، وهو حَرْب كانت بين الأنصار، ولم تُرِد الغِنَاء المعروف بين أهْل اللَّهو واللَّعِب. وقد رخَّص عمر في غِناء الأعراب، وهو صَوْتٌ كالحُداء. وفي حديث عمر <أنّ غُلاما لأناسٍ فُقراء قطعَ أُذُن غلام لأغنياء، فأتى أهلُه النبي صلى اللّه عليه وسلم فلم يَجْعل عليه شيئا> . قال الخطَّابي: كَان الغلام الجاني حُرّاً، وكانت جِنَايته خَطأ، وكانت عاقِلتُهُ فُقَراء فلا شيء عليهم لفقرهم. ويُشْبه أن يكون الغلام المَجْنِيُّ عليه حُرّاً أيضا، لأنه لو كان عبداَ لم يكن لاعْتذار أهل الجاني بالفقْر مَعْنىً؛ لأن العاقِلة لا تَحْمل عَبْداً، كما لا تَحْمل عَبْداً ولا اعترِافا. فأمّا المملوك إذا جَنَى على عَبدٍ أو حُرٍّ فجِنايَتُه في رقَبَتِه. وللفُقهاء في اسْتيفائها منْه خلاف. (ه) وفي حديث عثمان <أنّ عليّاً بَعَث إليه بصَحيفَة فقال للرَّسول: أغْنِها عَنَّا> أي اصرفها وكُفَّها (بهامش ا: <قال الكِرْماني في شرح البخاري: أرسل عليٌّ صحيفة فيها أحكام الصدقة، فردها عثمان، لأنه كان عنده ذلك العلم، فلم يكن محتاجا إليها> ) كقوله تعالى: <لِكُلِّ امْرىءٍ منهمْ يومَئِذٍ شأْنٌ يُغنيه> أي يكفه ويكفيه. يقال: أغنِ عني شرك: أي اصْرِته وكُفَّه. ومنه قوله تعالى <لَنْ يُغنُوا عَنْكَ مِنَ اللّه شيئاً> . ومنه حديث ابن مسعود <وأنا لا أُغِني لو كانت مَنَعَة> أي لو كان مَعي من يَمنَعُني لَكَفَيْتُ شَرَّهم وصَرَفْتُهم. [ه] * وفي حديث علي <ورَجُلٌ سَماه الناس عَالمِاً ولم يَغنَ في العلْمِ يوماً سالماً> أي لم يَلْبث في العلم يوماً تامَّا، من قولك: غَنيتُ بالمكان أغَنى: إذا أقَمْتَ به. {غوث} في حديث هاجَر أمّ إسماعيل <فَهل عندك غَوَاث> الغَوَاث بالفتح كالغِيَاث بالكسر، من الإغَاثة: الإعَانَة، وقد أغَاثَه يُغِيثه. وقد رُوي بالضم والكسر، وهُما أكْثَر ما يَجيء في الأصْوات، كالنُّباح والنِّداء، والفتح فيها شَاذّ. ومنه الحديث <اللهم أغِثْنا> بالهمْزة من الإِغاثَة. ويقال فيه: غاثَه يَغِيثُه، وهو قَليل، وإنَّما هو من الغَيْث لا من الإِغاثَة. ومنه الحديث <فادْعُ (في ا: <فادعوا> ) اللّهَ يَغِيثُنا> بفتح الياء، يُقال: غاثَ اللّه البلادَ يَغِيثُها: إذا أرسَل عليها المَطَر، وقد تكرر في الحديث. وفي حديث توبة كعب <فخرَجَتْ قُرَيشٌ مُغْوِثين لِعِيرِهم> أي مُغِيِثين، فجَاء به على الأصْل ولم يُعِلَّه، كاسْتَحْوذَ واسْتَنْوَق. ولو رُوي <مُغَوِّثين> بالتشدبد - من غَوَّث بمعنى أغاث - لكان وَجْهاً. {غور} * فيه <أنه أقْطَع بِلال بن الحارث مَعادِنَ القَبَلِيَّة؛ جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها> الغَوْرُ: ما انْخَفَض من الأرض، والجَلْس: ما ارْتَفع منها. تقول: غارَ إذا أتَى الغَوْر، وأغارَ أيضاً، وهي لُغَة قَلِيلة. [ه] وفيه <أنه سَمِع ناساً يَذْكُرون القَدَر فقال: إنَّكُم قد أخَذتم في شِعَبْين بَعيدَي الغَوْر> غَوْر كل شيء: عُمقُه وبُعْدُه: أي يَبْعُد أن تُدْركوا حقيقة عِلْمه، كالمَاء الغائِر الذي لا يُقْدَر عليه. ومنه حديث الدعاء <ومَن أبْعَدُ غَوْراً في الباطِل منّي؟> . (ه) وفي حديث السائب <لمَّا وَرَدَ على عُمر بفتح نَهاوَند قال: ويْحَك ما وَرَاءك؟ فواللّه ما بِتُّ هذه الليلَة إلا تَغْويرا> يريد بِقَدْر النَّوْمَة القليلة التي تكون عند القائِلة. يقال: غَوَّر القوْم إذا قالوا. ومَنْ رَواه <تَغْرِيراً> جَعَله من الغِرار، وهو النَّوم القَلِيل. ومنه حديث الإفْك <فأتَيْنا الجَيْش مُغْوِرين> هكذا جاء في رواية، أي وقد نَزَلوا للقائلة. (س) وفي حديث عمر <أها هُنَا غُرْتَ؟> أي إلى هَذا ذَهَبْتَ؟.* وفي حديث الحج <أشْرِقْ ثَبِير كَيْمَا نُغِير> أي نَذْهَب سَرِيعاً. يقال: أغَار يُغِير إذا أسْرَع في العَدْوِ. وقيل: أراد نُغير على لُحوم الأضاحِي، من الإغارة والنَّهب. وقيل: نَدْخُل في الغَوْر، وهو المُنْخَفِض من الأرض، على لُغة مَن قال: أغَار إذا أتَى الغَوْر. وفيه <من دَخَل إلى طَعام لم يُدْعَ إليه دَخَل سارقا وخرج مُغِيراً> المُغِير: اسم فاعِل من أغار يُغِير إذا نهَب، شبَّه دُخولَه عليهم بدُخول السارق، وخُروجه بمن أغار على قَوم ونَهَبَهم. ومنه حديث قيس بن عاصم <كنت أُغاوِرُهُم في الجاهِلِيَّة> أي أُغِير عليهم ويُغِيرُون عَليّ. والغَارَة: الاسم من الإغارة. والمُغاوَرة: مُفَاعَلة منه. ومنه حديث عمرو بن مُرَّة: وبَيض تَلَألأ فِي أكُفِّ المَغَاوِرِ* المَغَاوِرُ بفتح الميم: جمع مُغَاوِر بالضم، أو جمع مِغْوار بحذف الألف، أو حذف الياء من المغَاويِر. والمِغْوَار: المُبالغ في الغَارَة. ومنه حديث سَهْل <بَعَثنَا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غَزَاة، فلما بَلغْنا المُغَارَ اسْتَحْثَثْتُ فَرسي> المُغَارُ بالضم: موضع الغارة، كالمُقَام مَوضع الإقامة، وهي الإغارة نَفْسُها أيضا. (ه س) في حديث علي <قال يوم الجَمل: ما ظَنُّك بامْرِىء جمع بين هذين الغَارَيْن؟> أي الجَيْشَين. والغار: الجماعة، هكذا أخرجه أبو موسى في الغين والواو. وذكره الهروي في الغين والياء وقال: (ه) ومنه حديث الأحْنَفْ <قال في الزُّبَير مُنْصَرَفَه من الجَمل: ما أصْنَع به أن كان جمَع بين غارَيْن ثم تَركَهُم؟>. والجوهري ذكَره في الواو، والواوُ والياءُ متقارِبان في الانْقِلاب. ومنه حديث فِتْنة الأزد <ليَجْمَعا بين هذين الغارَيْن> . (ه س) وفي حديث عمر <قال لصاحب اللَّقيط: عسَى الغُوَيْرُ أبْؤُساً> هذا مثل قديم يقال عند التُّهْمَة. والغُوَيْر: تَصْغير غَار. وقيل: هو موضع. وقيل: مَاءٌ لكَلْب. ومَعْنَى المثل: رُبَّما جاء الشر من مَعْدن الخَير. وأصْل هذا المَثل أنَّه كان غَارٌ فيه ناسٌ فانْهَار عليهم وأتاهُم فيه عَدُوّ فقَتَلهم، فصار مَثَلا لكُلِّ شيء يُخاف أن يأتِيَ منه شَرٌّ. وقيل: أوّل من تَكَّلَمت به الزَّبَّاءُ لمّا عَدل قَصيرٌ بالأحمال عن الطَّريق المألوفَة وأخَذ على الغُوير، فلمَّا رَأتْه وقد تَنَكَّبَ الطريق قالت: عَسَى الغُوَير أبْؤُساً (قال الهروي: <ونُصب <أبؤسا> على إضمار فعل. أرادت: عسى أن يُحدث الغُويرُ أبؤسا. أو أن يكون أبؤسا. وهو جمع بأس> ا ه وراجع ص 90 من الجزء الأول) أي عسَاه أن يأتِيَ بالبأس والشَّرِّ. وأراد عُمر بالمَثل: لعَلَّك زَنيْتَ بأمِّه وادّعَيْتَه لَقِيطاً، فشَهِد له جماعة بالسَّتْر، فَتَركَه. ومنه حديث يحيى بن زكريا عليهما السلام <فسَاحَ ولزِم أطْراف الأرض وغِيرَانَ الشِّعاب> الغِيرانُ: جمع غارٍ وهو الكهف، وانْقَلَبَت الواو ياء لكسرة الغين. {غوص} (س) فيه <أنه نَهى عن ضَرْبة الغَائِص> هو أن يقول له: أغُوص في البَحر غَوْصَةً بكذا فما أخْرَجْتُه فهو لكَ. وإنَّما نَهى عنه لأنه غَرَرٌ. وفيه <لَعن اللّه الغائِصةَ والمُغَوِّصة> الغائصة: التي لا تُعْلِم زَوْجَها أنها حائض ليَجْتَنِبهَا، فيُجَامِعها وهي حائض. والمُغَوّصة: التي لا تكون حائض فتَكْذب زَوْجَها وتقول: إني حائض. {غوط} [ه] في قصة نوح عليه السلام <وانْسَدّتْ يَنابِيع الغَوْط الأكْبَر وأبواب السَّماء> الغَوْطُ: عُمق الأرض الأبْعَد، ومنه قيل للمطْمِئنّ من الأرض: غَائِط. ومنه قيل لموْضِع قَضاء الحاجة: الغائِط؛ لأنَّ العادة أنَّ الحاجة تُقْضَى في المنْخَفِض من الأرض حيث هو أسْتَر له، ثم اتُّسِع فيه حتى صار يُطْلَق على النَّجْو نَفْسِه. (س) ومنه الحديث <لا يَذْهَب الرجُلان يَضْربان الْغَائِط يَتَحدَّثان> أي يَقْضِيان الحاجَة وهُما يَتَحدَّثان. وقد تكرر ذكر <الغائط> في الحديث بمَعنى الحَدَث والمكان. (ه) ومنه الحديث <أنّ رجُلا جاء فقال: يا رسول اللّه قُلْ لأهْل الغائط يُحْسِنُوا مُخَالطَتِي> أراد أهْلَ الوادي الذي كان يَنْزِلُه. (س) ومنه الحديث <تَنْزِل أمَّتِي بِغَائطٍ يُسَمُّونه البَصْرة> أي بَطْن مُطْمِئّنٍ من الأرض. وفيه <أن فُسْطَاط المسلمين يومَ المَلْحَمَة بالغُوطَة إلى جَانِب مدينة يقال لها دِمَشْق> الغُوطَةُ: اسْم البَساتين والمَيِاه التي حَوْل دِمشْق، وهي غُوطَتُها. {غوغ} (س) في حديث عمر <قال له ابن عَوْف: يَحْضُرك غَوْغاءُ النَّاس> أصْل الغَوْغاء: الجَرادُ حِين يَخِفُّ للطَّيَرانِ، ثم اسْتُعِير للِّسْفَلة من النَّاس والمُتَسَرِّعين إلى الشَّرِّ، ويجوز أن يكون من الغَوْغاء: الصَّوتِ والْجَلَبَة، لكَثْرة لغَطَهم وصِياحِهم. {غول} (ه) فيه <لا غُولَ ولا صَفَر> الغُولُ: أحَدُ الغِيلان، وهي جِنْس مِن الجن والشياطين، كانت العَرب تَزْعُم أن الغُول في الفَلاة تتراءى للناس فَتَتَغول تَغَوُّلا: أي تَتَلَوّن تلَوُّنا في صُوَر شَتَّى، وتَغُولهم أي تُضِلُّهم عن الطريق وتُهْلِكهم، فَنَفاه النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبْطَله. وقيل: قوله <لا غُول> ليس نَفْياً لعَين الغُول ووجُودِه، وإنما فيه إبطال زَعْم العرب في تَلَوُّنه بالصُّوَر المخْتِلَفة واغْتِياله، فيكون المعْنى بقوله <لا غُول> أنَّها لا تَسْتَطيع أن تُضِلَّ أحَداً، ويَشْهد له: الحديث الآخر <لا غُولَ ولكِن السَّعَالِي> السَّعَالِي: سَحَرةُ الجنّ: أي ولكن في الجنّ سَحَرة، لهم تَلِبيس وتَخْييل. (ه) ومنه الحديث <إذا تَغَوّلت الغِيلانُ فَبَادِروا بالأَذان> أي ادفَعوا شَرّها بذكر اللّه تعالى. وهذا يَدُل على أنَّه لم يُرِد بِنَفْيها عَدَمَها. (س) ومنه حديث أبي أيوب <كان لي تَمْرٌ في سَهْوة فكانت الغُول تَجيء فتأخُذ> . (ه) وفي حديث عمَّار <أنه أوْجَز الصَّلاة فقال: كنت أُغَاوِل حاجَةً لي> المُغَاوَلَة: المُبَادَرة في السَّير، وأصْلُه من الغَوْل بالفتح، وهو البُعْد. ومنه حديث الإفْك <بَعْد ما نَزلوا مُغَاوِلين> أي مُبْعدِين في السَّيْر. هكذا جاء في رواية. (س) ومنه حديث قيس بن عاصم <كنت أُغَاوِلهم في الجاهِلية> أي أُبَادِرُهُم بالغارَة والشَّرّ، مِن غالَه إذا أهلكه. ويُروى بالراء وقد تقدّم. (س ه) وفي حديث عُهْدة المماليك <لا دَاءَ ولا غَائِلَة> الغائِلة فيه: أن يَكون مَسْرُوقا، فإذا ظَهَرَ واسْتَحقَّه مَالِكَه غالَ مالَ مُشْتَرِيه الذي أدّاه في ثمنه: أي أتْلَفه وأهْلَكه. يُقال: غالَه يَغُوله، واغْتَاله يَغْتَاله: أي ذَهب به وأهْلَكه. والغَائِلة: صِفَة لخَصْلَةٍ مُهْلِكة. (ه) ومنه حديث طَهْفَة <بأرْضٍ غَائِلة النِّطَاء> أي تَغُول سالِكِيها ببُعْدِها. ومنه حديث ابن ذي يَزَن <ويَبْغُون له الغَوَائِل> أي المَهالِكَ، جَمْع غَائِلة. وفي حديث أم سُلَيم <رآها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبيَدِها مِغْوَل، فقال: ما هذا؟ قالت: مِغْوَل أبْعَج به بُطون الكُفَّار> المِغْوَل بالكسر: شِبْه سَيْف قَصِير، يَشتَمِل به الرجُل تَحْت ثِيابه فَيُغَطِّيه. وقيل: هو حَدِيدة دَقيقة لها حَدٌّ ماضٍ وَقَفاً. وقيل: هو سَوط في جَوْفه سَيْف دقيق يَشُده الفَاتِك على وسَطه ليَغْتَال به الناس. ومنه حديث خَوّات <انْتَزَعْتُ مِغْوَلا فَوَجَأت به كَبَده>. وحديث الفيل <حين أُتِيَ به مكَّةَ ضَرَبوه بالمغْوَل على رأسِه> . {غوا} * فيه <مَن يُطِع اللّه ورسوله فقد رَشَدَ. ومن يَعْصِهما فَقَد غَوَى> يقال: غوى يَغْوِي غَيّاً وغَوَاية فهو غاوٍ: أي ضَلَّ. والغَيُّ: الضَّلال والانْهِمَاك في الباطِل. (س) ومنه حديث الإسْراء <لو أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ (في ا: <لَغَوَتْ> ) أمّتُك> أي ضَلَّت. ومنه الحديث <سَيكُون عليكم أئمة إن أطَعْتموهم غَوَيْتُم> أي إن أطاعُوهم فيما يأمُرونَهم به من الظُّلْم والمعاصي غَوَوْا وضَلُّوا. وقد كَثُر ذِكر <الغَيّ والغَواية> في الحديث. وفي حديث موسى وآدمَ عليهما السلام <لأغْوَيْت الناس> أي خَيّبْتهم. يُقال: غَوَى الرجُل إذا خاب، وأغْواه غيره. (ه) وفي حديث مَقْتَل عثمان <فَتَغاوَوْا واللّهِ عَليه حتى قَتلوه> أي تَجَمَّعوا وتَعاونوا. وأصْله من الغَواية، والتَّغاوِي: التَّعاوُن في الشَّرِّ. ويقال بالعين المهملة. (ه) ومنه حديث المسْلم قاتِل الْمشرك الذي كان يَسُبُّ النبي صلى اللّه عليه وسلم <فَتَغاوَى المشرِكون عليه حتى قَتلوه> ويُروَى بالعين المهملة، وقد تقدّم، إلَّا أن الهروي ذكر مَقْتَل عثمان في الغين المعجمة، والآخر في العين المهملة. (ه) وفي حديث عمر <إنّ قُريشا تُريد أن تَكون مُغْوِياتٍ لِمَال اللّه> قال أبو عبيد: هكذا رُوي. والذي تَكلَمت به العرب <مُغَوَّيات> بفتح الواو وتشديدها، واحدَتُها: مُغَوَّاة، وهي حُفْرة كالزُّبْيَة تُحْفَر للذّئب، ويُجْعل فيها جَدْيٌّ إذا نظر إليه سَقَط عليه يُريده. ومنه قيل لِكُلِّ مُهْلَكة: مُغَوَّاة. ومَعْنى الحديث أنها تُريد أن تكون مَصائدَ للمَال ومَهالك، كتِلْك المغَوَّيات. {غهب} (ه) في حديث عطاء <أنه سُئِل عن رجُلٍ أصَاب صَيْداً غَهَباً، فقال: عليه الجَزَاء> الغَهَب بالتحريك: أن يُصِيبَ غَفْلَةً من غير تَعَمُّد. يُقال: غَهِبَ عَن الشَّيء يَغْهبُ غَهَباً إذا غَفَل عنه ونَسِيه. والغَيْهَب: الظلام. ولَيْلٌ غَيْهب: أي مُظلِم. ومنه حديث قُسّ <أرْقُب الكَوْكَب وأرْمُق الغَيْهَب>. {غيب} (ه) قد تكرر فيه ذكر <الغِيبَة> وهو أن يُذكَرَ الإنسان في غَيْبَتِه بسُوء وإن كان فيه، فإذا ذَكَرْتَه بما ليس فيه فهو البَهْت والبُهْتان. وكذلك قد تكرر فيه ذكْر <عِلْم الغَيْب، والإيمان بالغَيب> وهو كل ما غاب عن العُيون، وسواء كان مُحَصّلاً في القلوب أو غيْر مُحَصَّل. تقول: غاب عنه غَيْبا وغَيْبَة. [ه] وفي حديث عُهْدة الرَّقيق <لا دَاءً ولا خِبْثَةَ ولا تَغْيِيبَ> التَّغْيِيب: ألَّا يَبِيعَه ضَالَّة ولا لُقَطَة. [ه] وفيه <أمْهِلوا حتى تَمْتَشِط الشَّعِثَة وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ> المُغِيبةُ والمُغِيب: التي غاب عنها زوجُها. ومنه حديث ابن عباس <أن امْرَأة مُغِيبا أتَت رجُلا تَشْتري منه شيئا فَتَعرّض لها، فقالت له: ويْحك إني مُغِيب، فَتَركَها> . وفي حديث أبي سعيد <إنّ سَيِّد الحيِّ سَليم، وإنّ نَفَرنا غَيَبٌ> أي إنّ رِجالنا غائبون. والغَيِب بالتحريك: جمع غائب، كخادِم وخَدَم. (ه) ومنه الحديث <أنّ حَسَّان لمَّا هَجا قُرَيشا قالت: إن هذا لَشَتْمٌ ما غاب عنه ابن أبي قُحَافة> أرَادوا أنّ أبا بكر كان عالمِا بالأنْساب والأخبار، فهو الذي عَلَّم حسَّان. ويدل عليه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لِحَّسان: <سَلْ أبا بكر عن مَعِايب القوم> ، وكان نَسَّابةً عَلَّامة. (س) وفي حديث مِنْبَر النبي صلى اللّه عليه وسلم <إنَّه عُمِل من طَرْفَاء الغَابَة> هو موضع قريب من المدينة من عَوَاليها، وبها أموالٌ لأهلها، وهو المذكور في حديث السِّبَاق، والمذكور في حديث تَرِكَة الزُّبير وغير ذلك. والغابة: الأجَمة ذات الشَّجَر المُتَكاثف؛ لأنَّها تُغَيِّب ما فيها، وجَمْعُها غابَات. ومنه حديث علي: كَلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوِرَهْ* أضافه إلى الغابات لقُوَّته وشِدّته، وأنه يَحْمِي غاباتٍ شَتّىً. {غيث} (ه) في حديث رُقَيْقَة <ألَا فَغِثْتُم ما شِئْتم> غِثْتُم بكسر الغين: أي سُقِيتُم الغيثَ وهو المطر. يقال: غِيثَت الأرض فهي مَغِيثَة، وغَاث الغَيْثُ الأرضَ إذا أصابها، وغَاثَ اللّه البِلاد يَغِيثُها، والسُّؤالُ منه: غِثْنا، ومِن الإغاثة بمعنى الإعانة: أغِثْنا. وإذا بَنَيْتَ منه فِعْلا ماضِيا لم يُسَمَّ فاعِلُه قلت: غِثْنا بالكسر، والأصل: غُيِثْنَا، فحُذِفت الياء وكُسِرت الغين. وفي حديث زكاة العَسَل <إنَّما هو ذُباب غَيْثٍ> يعني النَّحْل، فأضافه إلى الغَيْث لأنه يَطْلُب النَّبات والأزْهار، وهما من تَوابع الغَيْث. {غيذ} (ه) في حديث العباس <مَرَّت سحابة فنَظر إليها النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما تُسَمُّون هذه؟ قالوا: السَّحاب، قال: والمُزْن، قالوا: والمُزْن، قال: والغَيْذَي> قال الزمخشري: <كأنه فَيْعَل، من غَذَا يَغْذُو إذا سال. ولم أسْمَع بَفْيَعل في مُعْتَلّ اللام غير هذا إلا الكَهْيَاة (عبارة الزمخشري: <...إلا كلمة مؤنثة: الكهياة؛ بمعنى الكهاة، وهي الناقة الضخمة> الفائق 2/316) ، وهي النَّاقة الضَّخْمة> . وقال الخطّابي: إن كان مَحْفوظا فلا أراه سُمِّيَ به إلَّا لِسَيَلان الماء، من غَذَا يَغْذُو. {غير} (ه) فيه <أنه قال لرجُل طَلَب القَوَد بِدَم قتيل له: ألا تَقْبَل الغَيِر> وفي رواية <أَلَا الغِيَر تُريد> الغِيَر: جمع الغِيَرة، وهي الدّية، وجمع الغِيَر: أغْيار. وقيل: الغِيَر: الدِّيَة، وجمعها أغْيار، مِثْل ضِلَع وأضلاع. وغَيَّره إذا أعطاه الدِّية، وأصلها من المُغايَرة وهي المُبَادَلة؛ لأنها بَدَل من القَتْل. ومنه حديث مُحلِّم بن جَثَّامة <إنّي لم أجِد لما فَعَل هذا في غُرَّة الإسلام مَثَلا إلَّا غَنَماً ورَدَت، فرُمِيَ أوّلها فنَفَر آخرها، اسْنُنِ اليوم وغَيِّرْ غَداً> معناه أنَّ مَثَل مُحلِّم في قَتْله الرجل وطَلَبه أن لا يُقْتَصَّ منه وتُؤخَذ منه الدّية، والوقْتُ أوَل الإسلام وصَدْره كمَثَل هذه الغَنَم النافرة، يعني إن جرى الأمرُ مع أولياء هذا القتيل على ما يُريد مُحَلِّم ثَبَّط الناسَ عن الدخول في الإسلام مَعْرِفَتُهم أن القَوَد يُغَيَّر بالدِّية، والعرَب خصوصا وهم الحُرَّاص على دَرْك الأوْتار، وفيهم الأنَفَة من قَبُول الدِّيات، ثم حَثَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على الإفادة منه بقوله: <اسْنُنِ اليوم وغَيِّر غَداً> يُريد إن لم تَقْتَصَّ منه غَيَّرت سُنَّتك، ولكنه أخرج الكلام على الوجْه الذي يُهَيّج المُخاطَبَ ويَحُثّه على الإقْدام والجُرْأة على المطلوب منه.* ومنه حديث ابن مسعود <قال لعمر في رجُل قَتَل امْرَأة ولها أوْلِياءُ فعَفا بعضُهم، وأراد عمر أن يُقِيد لمن لم يَعْفُ، فقال له: لو غَيَّرتَ بالدِّية كان في ذلك وَفَاءٌ لهذا الذي لم يَعْفُ، وكنتَ قد أتْمَمْت للعَافِي عَفْوَه. فقال عمر: كُنَيْفٌ مُلِيءَ عِلْماً> . (ه) وفيه <أنه كَرِه تَغْييرَ الشَّيْب> يعني نَتْفَه، فإن تَغْيير لَوْنه قد أمَرَ به في غير حديث. وفي حديث أمّ سَلَمة <إنّ لي بِنْتا وأنا غَيُور> هو فَعُول، من الغَيْرة وهي الحِمَّية والأنَفَة. يقال: رجُل غَيُور وامْرأة غَيور بلا هاء؛ لأن فَعُولا يَشْتَرك فيه الذَّكر والأنثى. وفي رواية <إنّي امرأة غَيْرَى> وهي فَعْلَى من الغَيْرَة. يقال: غِرْت على أهلي أغار غَيْرة، فأنا غائر وَغَيُور للمبالغة. وقد تكرر في الحديث كثيرا على اختلاف تصَرُّفه. (ه) وفي حديث الاستسقاء <مَن يَكْفُرِ اللّهَ يَلْقَ الغِيَر> أي تَغَيُّر الحال وانْتِقالَها عن الصلاح إلى الفَساد. والغِيَر: الاسْم، من قولك: غَيرَّت الشيء فَتَغيَّر. {غيض} * فيه <يَدُ اللّه مَلْأى لا يَغِيضُها شيء> أي لا ينَقْصُهُا. يقال: غاض الماءُ يَغيض، وغِضْتُه أنا وأغَضْتُه أَغِيضُه وأُغِيضُه. (ه) ومنه الحديث <إذا كان الشِّتاء قَيْظا وغاضَتِ الكِرامُ غَيْضا> أي فَنُوا وبادُوا. وغاض الماء إذا غار. (ه) ومنه حديث سَطِيح <وغاضَت بُحَيْرةُ سَاوَة> أي غار ماؤها وذهب. [ه] وحديث خُزَيمة في ذِكر السَّنَة <وغاضَت لها الدِّرّة> أي نَقَص اللَّبن. وحديث عائشة تَصِف أباها <وغاضَ نَبْغَ (في الأصل واللسان: <نبع> بالعين المهملة. وكتبناه بالمعجمة من ا، ومما يأتي في مادة (نبغ) ) منها وظَهَرَ. ومنه حديث عثمان بن أبي العاص <لَدِرْهَمٌ يُنْفِقُه أحدُكم من جَهْده خيرٌ من عشرة آلاف يُنْفِقها أحَدُنا غَيْضاً من فَيْض> أي قليل أحَدِكُم مِن فَقْره خير من كثرنا مع غِنَانا. (س) وفي حديث عمر <لا تُنْزِلو المسلمين الغِياضَ فتُضَيِّعوهم> الغِيَاض: جمع غَيْضة، وهي الشجر الملتَفّ؛ لأنهم إذا نزلوها تفَرّقوا فيها فَتَمَكَّن منهم العَدوّ. {غيظ} * فيه <أغْيَظُ الأسماء عند اللّه رجُلٌ تسَمَّى مَلِكَ الأْملاك> هذا من مَجاز الكلام مَعْدول عن ظاهره، فإنَّ الغَيْظ صِفَة تَغَيُّرٍ في المَخْلوق عند احْتِداده، يَتَحَرّك لها، واللّهُ يتَعالى عن ذلك الوصْفِ، وإنما هو كناية عن عُقوبَته للمُتَسَمِّي بهذا الاسم: أي أنه أشدّ أصحاب هذه الأسماء عُقوبةً عند اللّه. وقد جاء في بعض روايات مُسْلم (أخرجه مسلم في (باب تحريم التسمّي بملك الأملاك، من كتاب الآداب) ولفظه: <أغيظُ رجلٍ على اللّه يوم القيامة وأخْبَثُه وأغْيَظُه عليه رجلٌ كان يسمَّى مَلِك الأملاك، لا مَلِكَ إلا اللّهُ> ) <أغْيَظُ رجُل على اللّه يومَ القيامة وأخْبَثُه وأغْيَظُه رجلٌ تَسَمَّى بملِك الأملاك> . قال بعضهم: لا وَجه لتِكرار لفظتي <أغْيَظ> في الحديث، ولعلَّه <أغْنَظ> بالنون، من الغَنْظ، وهو شدّة الكَرب. وفي حديث أمّ زَرْع <وغَيْظ جارتها> لأنَّها تَرى من حُسْنها ما يَغِيظُها ويَهِيجُ حَسدَها. {غيق} * فيه ذكر <غَيْقَة> بفتح الغين وسكون الياء، وهو موضع بين مكة والمدينة من بلاد غِفَار. وقيل: هو ماء لبِنَي ثَعْلَبة. [ه] {غيل} فيه <لقد هَمَمْت أن أنْهَي عن الغِيَلة> الغِيلة بالكسر: الاسم من الغَيْل بالفتح، وهو أن يجامع الرجُل زوْجَته وهي مُرْضِع (عبارة السيوطي في الدر: <وهي ترضع> ) ، وكذلك إذا حَملت وهي مُرْضِع. وقيل: يقال فيه الغِيلة والغَيْلة بمعنىً. وقيل: الكسر للاسم، والفتح للمرَّة. وقيل: لا يَصِح الفتح إلَّا مع حذف الهاء. وقد أغال الرجُل وأغْيَل. والولد مغُال ومُغْيَل. واللَّبن الذي يَشْربه الولد يقال له: الغَيْل أيضا. (ه) وفيه <ما سُقِيَ بالغَيْل ففيه العُشر> الغَيْل بالفتح: ما جرى من المياه في الأنهار والسَّوَاقي. وفيه <إنَّ مما يُنْبِتُ الرَّبيعُ ما يَقْتُل أو يَغيل> أي يُهْلك، من الاغْتِيالِ، وأصله الواو. يقال: غاله يَغُوله. وهكذا رُوي بالياء، والياءُ والواو مُتقاربَتان. (س) ومنه حديث عمر <أنَّ صَبيّاً قُتِل بصَنْعاء غِيلة فَقَتَل به عمر سَبْعة> أي في خُفْيَة واغْتِيالٍ. وهو أن يُخْدع ويُقْتَل في موضع لا يراه فيه أحدٌ. والغِيلَة: فِعْلَة من الاغْتِيَال. ومنه حديث الدعاء <وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ مِن تَحْتي> أي أُدْهَى من حيث لا أشْعُر، يُريدُ به الخَسْف. وفي حديث قُس <أُسْد غِيلٍ> الغِيلُ بالكسر: شجَر مُلْتَفّ يُسْتَتَر فيه كالأَجَمة. ومنه قصيد كعب: بِبَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دُونَه غِيلُ* {غيم} (ه) فيه <أنه كان يَتَعَوَّذ من الغَيْمة والعَيْمة> الغَيْمة: شِدّة العَطَش. {غين} (ه) فيه <إنه لَيُغَانُ على قَلْبي حتى أسْتَغْفِرَ اللّه في اليوم سبعين مَرَّة> الغَيْن: الغَيْم. وَغِيَنت السماءُ تُغَانُ: إذا أَطْبَق عليها الغَيم. وقيل: الغَيْن: شجر مُلْتَفّ. أراد ما يَغْشَاه من السَّهْو الذي لا يَخْلو منه البَشَر، لأنّ قلبه أبدا كان مَشْغولا باللّه تعالى، فإنْ عَرَض له وَقْتاً مّا عارِضٌ بَشَرِيّ يَشْغله من أمور الأمّة والمِلَّة ومصالحهما عَدَّ ذلك ذَنْبا وتقصيراً، فَيَفْزَعُ إلى الاسْتغفار. {غيا} (ه) فيه <تَجيء البقَرةُ وآلُ عِمْران كأنهما غَمامَتَان أو غَيَايَتَان> الغَيَايَة: كل شيء أظَلَّ الإنسانَ فَوْق رأسه كالسَّحابة وغَيْرها. ومنه حديث هلال رمضان <فإن حَالَت دُونَه غَيَايَة> أي سَحابَة أو قَتَرة. (س) ومنه حديث أمّ َزْرع <زَوْجي غَيَاياءُ، طَبَاقَاء> هكذا جاء في رواية (انظر ص 334 من هذا الجزء): أي كأنه في غَيَايةَ أبداً، وظُلْمةٍ لا يَهْتَدِي إلى مَسْلك يَنْفُذ فيه. ويَجَوز أن تكون قد وَصَفَتْه بِثِقَل الرُّوح، وأنه كالظِّلِّ المُتَكاثِف المُظْلم الذي لا إشْرَاقَ فيه. (ه) وفي حديث أشراط الساعة <فَيَسِيرون إليهم في ثمانين غاية> الغَايَة والرَّايَة سَواء. ومن رَواه بالباء الموحدة أرادَ به الأجَمَة، فَشَبَّه كثرة رماح العَسْكر بها. (س) وفيه <أنه سابَق بَيْن الخَيْل فجعل غايَة المُضَمَّرة كذا> غايَةُ كُلّ شيء: مَداه ومُنْتَهاه.
|